للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ملامةٌ، وثانيها ندامةٌ، وثالثُها عذابُ يومِ القيامةِ، إلَّا مَنْ عدلَ". وأخرجَ الطبرانيُّ (١) من حديثِ زيدِ بن ثابتٍ يرفعُه: "نعمَ الشيءُ الإمارةُ لمنْ أخذَها بحقِّها وحِلِّها، وبئسَ الشيءُ الإمارةُ لمنْ أخذَها بغيرِ حقِّها، تكونُ عليهِ حسرة يومَ القيامةِ". وهذا يقيِّدُ ما أطلقَ فيما قبلَه. وقد أخرجَ (٢) مسلمٌ منْ حديثِ أبي ذرٍ قالَ: قلتُ: يا رسولَ اللَّهِ ألا تستعملُني؟ قالَ: "إنكَ ضعيفٌ، وإنَّها أمانةٌ، وإنَّها يومَ القيامةِ خِزْيٌ وندامةٌ إلَّا مَنْ أخذَها بحقِّها، وأدَّى الذي عليهِ فيها". قالَ النوويُّ (٣): هذا أصلٌ عظيمٌ في اجتنابِ الولايةِ لا سيَّما لمنْ كانَ فيه ضعفٌ، وهو في حقِّ من دخَلَ فيها بغيرِ أهليَّةٍ ولم يعدلْ، فإنّه يندمُ على مَا فرَّط فيهِ إذا جُوزِيَ بالجزاءِ يوم القيامةِ، وأما مَنْ كانَ أهلًا لها وعدلَ فيها فأجرُه عظيمٌ كما تضافرتْ بهِ الأخبارُ، ولكنْ في الدخولِ فيها خطرٌ عظيمٌ، ولذلكَ امتنعَ الأكابرُ منْها، فامتنعَ الشافعيُّ لمَّا استدْعاهُ المأمونُ لقضاءِ الشرقِ والغرب، وامتنعَ منهُ أبو حنيفةَ لمَّا استدْعاهُ المنصورُ فحبسَهُ وضربهُ، والذينَ امتنعُوا منَ الأَكابرِ جماعةٌ كثيرونَ، وعدَّ في النجمِ الوهَّاجِ جماعةً.

تنبيهٌ: قوله: ["ستحرصونَ"] (٤)، دلالةٌ على محبةِ النفوسِ للإمارة لما فيها منْ نيلِ حظوظِ الدنيا ولَذَّاتِها، ونفوذِ الكلمةِ، ولذَا وردَ النَّهْيُ عنْ طَلَبها كما أخرجَ الشيخانِ (٥) أنهُ - صلى الله عليه وسلم - قالَ لعبدِ الرحمن: "لا تسألِ الإمارةَ فإنكَ إنْ أُعْطِيتَها


(١) قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٥/ ٢٠٠): رواه الطبراني عن شيخه حفص بن عمر بن الصباح الرقي وثقه ابن حبان، وبقية رجاله رجال الصحيح.
(٢) في "صحيحه" رقم (١٨٢٥).
(٣) في "صحيح مسلم" بشرح النووي (١٢/ ٢١٠، ٢١١).
(٤) في (أ) "ستحرصوا".
(٥) أخرجه البخاري (٦٦٢٢) و (٦٧٢٢)، و (٧١٤٦) و (٧١٤٧).
ومسلم في "صحيحه" (١٦٥٢).
قلت: وأخرجه النسائي (٨/ ٢٢٥)، وأبو داود (٢٩٢٩)، والترمذي (١٥٢٩)، وأحمد (٥/ ٦٢، ٦٣)، وعبد الرزاق (٢٠٦٥٤)، وأبو يعلى في "المسند" رقم (١٥١٦)، والطبراني في "الأوسط" (١/ ٣٧، ٣٨، ٣٤٩) و (٢/ ١٨٦)، والبيهقي (١٠/ ١٠٠)، وأبو نعيم في "الحلية" (٧/ ٢٣٠)، (٨/ ٣٨٧)، (٩/ ١٨، ١٩)، والخطيب في "التاريخ" (٢/ ٤٠٠) و (٤/ ١٨٩، ٢٨٨) و (٧/ ١٦١) و (٨/ ٤٨٠) و (١٢/ ٤٢١، ٤٥٠، ٤٥١)، والدارمي (٦/ ١٨٦)، والقضاعي في "مسند الشهاب" (٢/ ٩١ رقم ٩٤٨)، وابن الجارود (٩٩٨).