للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جلمودُ الطباعِ، ومَنْ لا حظَّ لهُ في النفعِ والانتفاعِ، والأفهامُ التي فهمَ بها الصحابةُ الكلامَ الإلهيَّ، والخطابَ النبويَّ هيَ كأفهامِنا، وأحلامُهم كاحلامِنا، إذْ لوْ كانتِ الأفهامُ متفاوتةً تفاوتًا يسقطُ معهُ فهمُ العباراتِ الإلهيةِ، والأحاديثِ النبويةِ لما كنَّا مكلَّفينَ ولا مأمورينَ ولا منهيينَ، لا اجتهادًا ولا تقليدًا. أما الأولُ فلإحالته، وأما الثاني فَلانَّا لا نقلِّدُ حتَّى نعلمَ أنهُ يجوزُ لنا التقليدُ، ولا نعلمُ ذلكَ إلا بعدَ فهمِ الدليلِ منَ الكتابِ والسنةِ على جوازِه لتصريحِهم بأنهُ لا يجوزُ التقليدُ في جوازِ التقليدِ، فهذا الفهمُ الذي فهمْنا بهِ هذا الدليلَ نفهمُ بهِ غيرَه منَ الأدلةِ منْ كثيرٍ وقليلٍ، على أنهُ قدْ شهدَ المصْطَفَى - صلى الله عليه وسلم - بأنهُ يأتي مِنْ بعدِه مَنْ هوَ أفقهُ ممنْ هو في عصرِه، وأوعَى لكلامِه حيثُ قالَ: "فربَّ مبلغٍ أفقهُ منْ سامعٍ" (١)، وفي لفظٍ: "أوعَى لهُ من سامع" (٢). والكلامُ قدْ وفَّيْنَاهُ حقَّه في الرسالةِ المذكورةِ، ومنْ أحسنِ ما [يعرفُه] (٣) القضاةُ كتابُ عمرَ - رضي الله عنه - الذي كتَبه إلى أبي موسَى الذي رواهُ أحمدُ (٤) والدارقطني (٥)، والبيهقيّ (٦)، قالَ الشيخُ أبو إسحاقَ: هوَ أجلّ كتابٍ فإنهُ بيَّنَ آدابَ القضاةِ، وصفةَ الحكمِ، وكيفيةَ الاجتهادِ واستنباطَ القياسِ،


(١) أخرجه الترمذي (٧/ ٤١٧ - مع التحفة)، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه (١/ ٨٥ - ٢٣٢)، وأحمد (١/ ١٦٦ - الفتح الرباني).
قلت: مدار حديث ابن مسعود في كل طرقه على ابنه عبد الرحمن وهو مدلس من المرتبة الثالثة، ولم يصرح بالسماع. ولكن يشهد له حديث زيد بن ثابت الذي أخرجه الترمذي (٧/ ٤١٥ - مع التحفة). وقال: حديث حسن، وأبو داود (١٠/ ٩٤ - مع العون)، وأحمد (١/ ١٦٤ - الفتح الرباني)، وابن ماجه (١/ ٨٤ - ٢٣٠). وكذلك يشهد له من حديث: جبير بن مطعم الذي أخرجه أحمد (١/ ١٦٥ - الفتح الرباني)، وابن ماجه (١/ ٨٥ - ٢٣١) فالحديث صحيح لغيره.
وقد صحَّحه الترمذي، والألباني في "صحيح الجامع" (٦/ ٢٩ - ٦٦٤٠).
(٢) أخرجه ابن ماجه في "السنن" (٢٣٣).
(٣) في (أ): "يعرف".
(٤) في "مسنده".
(٥) في "السنن" (٤/ ٢٠٦، ٢٠٧ رقم ١٥) وفي إسناده عبيد الله بن أبي حميد وهو ضعيف.
(٦) في "السنن الكبرى" (١٠/ ١١٥).
وقال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (١/ ٨٦) بعد أن أورده: وهذا كتاب جليل تلقاه العلماء بالقبول، وبنوا عليه أصول الحكم والشهادة والحاكم والمفتي أحوج شيء إليه، إلى تأمله والتفقه فيه.