للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سعيد، فإنهُ كانَ أكثرَ ملازمةً لقتادةَ منهما وما رَوَياهُ لا ينافي روايةَ سعيدٍ، لأنهَّمَا اقتصرا في روايةِ الحديثِ على بعضهِ، وأما إعلالُ روايةِ سعيدِ بن أبي عروبةَ بأنهُ اختلطَ فمردودٌ لأنَّ روايتَه في الصحيحينِ (١) قبلَ الاختلاطِ، فإنهُ فيهما منْ روايةِ يزيدَ بن زُرَيْعٍ وروايتهُ عنْ سعيدٍ قبلَ اختلاطِه ثمَّ رواهُ البخاريُّ (٢) منْ روايةِ جريرِ بن حازمٍ لمتابعتهِ لهُ لينفي عنهُ التفرُّدَ، ثمَّ أشارَ إلى أن غيرَهُما تابَعَهُما ثمَّ قالَ: اختصرَه شعبةُ كأنهُ جوابُ سؤالٍ مقدَّرٍ تقديرهُ: إنَّ شعبةَ أحفظُ الناسِ لحديثِ قتادةَ فكيفَ لم يذكرِ الاستسعاءَ؟ فأجابَ بأنَّ هذَا لا يؤثرُ فيهِ ضَعفًا لأنهُ أوردَه مختصَرًا، وغيرُه ساقَه بتمامهِ والعددُ الكثيرُ أَوْلَى بالحفظ منَ [الواحدِ] (٣).

قلتُ: وبهذَا تعرفُ المجازفةَ في قولِ ابن (٤) العربيِّ، اتفقُوا على أن ذِكْرَ الاستسعاءِ ليسَ من [قولٍ (٥) النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وبعدَ تقرُّر هذا لكَ فقدْ عرفتَ تعارضَ كلامِ هؤلاءِ الأئمةِ الحفاظِ في هذهِ الزيادةِ، ولا كلامَ أنَّها قدْ رُوَيتْ مرفوعةً والأصلُ عدمُ الإدراجِ حتَّى يقومَ عليهِ دليلٌ ناهضٌ. وقدْ تقاومتِ الأدلةُ هنا ولكنَّه عضدَ القولَ برفعِ زيادةِ السِّعايةِ إليه - صلى الله عليه وسلم - أن الأصلَ عدمُ الإدراجِ، ومعَ ثبوتِ رفْعِها فقدْ عارضتْ روايةَ: "وإلَّا فقدْ عتقَ منه ما عتقَ". وقد جُمِعَ بينَهما بوجهينِ، الأولُ: أن معنَى قولهِ: وإلا فقدْ عتقَ منهُ ما عتقَ، أي بإعتاقِ مالكِ الحصةِ حصتَه وحصةُ شريكه يعتق بالسعايةِ، فيعتقُ العبدُ بعدَ تسليمِ ما عليهِ، ويكونُ كالمكاتبِ وهذا هوَ الذي جزمَ بهِ البخاريُّ، ويظهرُ أن ذلكَ يكونُ باختيارِ العبدِ لقولهِ غيرَ مشقوقٍ عليهِ، فلو كانَ ذلكَ على جهةِ [اللزوم] (٦) بأنْ يكلَّفَ العبدُ الاكتسابَ والطلبَ حتَّى يحصلَ ذلكَ لحصلَ لهُ غايةُ المشقةِ، وهوَ لا يلزمُ في الكتابةِ ذلكَ عندَ الجمهورِ لأنَّها غيرُ واجبةٍ، فهذَا مثلُها، وإلى هذا [الجمع] (٧) ذهبَ البيهقيُّ (٨)


(١) أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (٢٥٢٧).
ومسلم في "صحيحه" رقم (٤/ ١٥٠٣).
(٢) في "صحيحه" رقم (٢٥٢٦).
(٣) في (أ): "واحد".
(٤) في "عارضة الأحوذي" (٦/ ٩٧).
(٥) في (أ): "كلام".
(٦) في (أ): "الإكراه له".
(٧) زيادة من (ب).
(٨) في "السنن الكبرى" (١٠/ ٢٨٢، ٢٨٤).