للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عينًا، وإنْ كانَ المسلَّمُ عليهمْ جماعةً فالردُّ فرضُ كفايةٍ في حقهم. ويأتي قريبًا حديثُ (١): "يجزئُ عن الجماعةِ إذا مروا أنْ يسلِّمَ أحدُهم، وهذا هو سنةُ الكفايةِ، ويشترطُ كونُ الردِّ على الفورِ، وعلى الغائبِ في ورقةٍ أو رسولٍ. وبأتي حديثُ (٢): "أنهُ يسلِّمُ الراكبُ على الماشي، والماشي على القاعدِ، والقليلُ على الكثيرِ". ويُؤْخَذُ منْ مفهومِ قولِه: حقُّ المسلمِ على المسلم أنهُ ليسَ للذميِّ حقٌّ في ردِّ السلامِ، وما ذكرَ معهُ. ويأتي (٣) حديثُ: "لا تبدؤُوا اليهودَ والنصارَى بالسلامِ"، ويأتي الكلامُ.

وقولُه: "إذا لقيتَه" يدلُّ أنهُ لا يسلِّمُ عليهِ إذا فارقَه لكنَّه قدْ ثبتَ حديثُ: "إذا قعدَ أحدُكم فليسلِّمْ، وإذا قامَ فلْيسلِّمْ، [وليستِ] (٤) الأُولى بأحقَّ منَ الآخرةِ" (٥)، فلا يعتبرُ مفهومُ إذا لقيتَه، ثمَّ المرادُ بلقيه وإنْ لم يطلْ بينَهما الافتراقُ لحديثِ أبي داودَ (٦): "إذا لقيَ أحدُكم صاحبُه فليسلِّمْ عليهِ، فإنْ حالَ بينَهما شجرةٌ أو جدارٌ ثمَّ لقيهُ فليسلِّمْ عليه". وقالَ أنسٌ (٧): كانَ أصحابُ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يتماشونَ، فإذا لقيتْهم شجرةٌ أوْ أكَمةٌ تفرَّقُوا يمينًا وشمالًا، فإذا الْتَقَوْا من ورائِها يسلِّمُ بعضُهم على بعضٍ.

الثانيةُ: "وإذا دعاكَ فأجِبْه"، ظاهرُه عمومُ [حقيةِ] (٨) الإجابةِ في كلِّ دعوةٍ يدعُوه بها، وخصَّها العلماءُ بإجابةِ دعوةِ الوليمةِ ونحوِها، والأَوْلَى أنْ يُقَالَ: إنَّها في دعوةِ الوليمةِ واجبةٌ وفيما عَدَاها مندوبةٌ لثبوتِ الوعيدِ على مَن لم يجبِ في الأُولى دونَ الثانيةِ.

والثالثةُ: قولُه: "وإذا استنصَحَكَ" أي طلبَ مِنْكَ النصيحةَ "فانصحْهُ"، دليل


(١) برقم (٨/ ١٣٦٣) من كتابنا هذا.
(٢) برقم (٧/ ١٣٦٢) من كتابنا هذا.
(٣) برقم (٩/ ١٣٦٤) من كتابنا هذا.
(٤) في (أ): "فليست".
(٥) أخرجه أبو داود رقم (٥٢٠٨)، والترمذي رقم (٢٧٠٦)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (٣٦٩)، والبخاري في "الأدب المفرد" (١٠٠٨). وأحمد (٢/ ٢٣٠، ٢٨٧، ٤٣٩). ورواية رزبن في "جامع الأصول" (٦/ ٥٩٣).
وهو حديث حسن.
(٦) في "السنن" (٥٢٠٠)، وهو حديث صحيح.
(٧) أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع الزوائد" (٨/ ٣٤).
(٨) في (أ): "حقيقة".