للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على كلِّ سامِعٍ. ويدلُّ لهُ ما أخرجَهُ البخاري (١) منْ حديثٍ أبي هريرةَ: "إذا عطسَ أحدُكم وحمدَ اللَّهَ كانَ حقًّا على كلِّ مسلمٍ يسمعهُ أنْ يقولَ: يرحمُكَ اللَّهُ"، وكأنهُ مذهبُ أبي داود صاحبِ السننِ، فإنهُ أخرجَ عنهُ ابن عبد البر بسندٍ جيِّدٍ أنهُ كانَ في سفينةٍ فسمعَ عاطِسًا على الشطِّ [حمد الله] (٢)، فاكترَى قاربًا بدرهمٍ حتَّى جاءَ إلى العاطسِ فشمَّتهُ، ثمَّ رجعَ، فَسُئِلَ عنْ ذلكَ فقالَ لعلَّهُ يكونُ مجابَ الدعوةِ، فلمَّا رقدُوا سمعُوا قائلًا يقولُ لأهلِ السفينةِ إنَّ أبا داودَ اشتَرى الجنةَ من اللَّهِ بدرهمٍ انتهَى (٣). ويحتملُ أنهُ إنَّما أرادَ طلبَ الدعوةِ كما قالَه ولم يكنْ يراهُ واجبًا، قالَ النووي (٤): ويُستحبُّ لمنْ حضَر مَنْ عطَس فلمْ يحمدْ أنْ يذكِّرَهُ الحمدَ ليحمدَ فيشمِّتَه وهوَ منْ باب النصحِ والأمرِ بالمعروفِ. ومنْ آدابِ العاطسِ ما أخرجَهُ الحاكمُ (٥) والبيهقي (٦) منْ حديثٍ أبي هريرةَ مرفوعًا: "إذا عطسَ أحدُكم فليضعْ كفَّيْهِ على وجْهِهِ، وليخفضْ بها صوتَه"، وأن يزيدَ بعدَ الحمدِ للَّهِ كلمةَ ربِّ العالمينَ، فإنهُ أخرجَ الطبراني (٧) منْ حديثٍ ابن عباسٍ مرفوعًا: "إذا عطسَ أحدُكم فقالَ: الحمدُ للَّهِ قالتَ الملائكةُ: ربِّ العالمينَ، فإذا قالَ: ربِّ العالمينَ قالتِ الملائكةُ: رحمكَ اللَّهُ"، وفيهِ ضعْفٌ. ويشرعُ أنْ يشمِّتَهُ ثلاثا إذا كرَّرَ العُطاسَ، ولا يزيدُ عليها لما أخرجَه أبو داودَ (٨) [من حديث] (٩) أبي هريرةَ


(١) في "الأدب المفرد" (٩٢٨) وفي "صحيحه" رقم (٦٢٢٦).
(٢) زيادة من (أ).
(٣) بما أن أبا داود قد سمع العاطس وهو في السفينة فلم يشمته وهو فيها وفي إمكانه أن يسمعه صوته كما أسمعه ذاك عطاسه من غير إجهاد وكيف يستحق الجنة في مقابلة ذلك الدرهم الذي أنفقه في غير مصلحة وهل الجنة ثمنها درهم؟ ألا أن ثمنها الإيمان والعمل الصالح وتطهير النفوس وحسن الخلق.
(٤) "الأذكار" (ص ٤٣٢).
(٥) في "المستدرك" (٤/ ٢٦٤). وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
(٦) أخرجه البيهقي في "الأدب" (٣٢٢) بنحوه.
(٧) كما في "مجمع الزوائد" (٨/ ٥٧) وقال الهيثمي: فيه عطاء بن السائب وقد اختلط.
(٨) في "السنن" رقم (٥٠٣٤)، وهو حديث حسن.
(٩) في (ب): "عن".