للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبي وقاصٍ عنْ أبيهِ قالَ: "كنَّا نضعُ اليدينِ قبلَ الركبتينِ، فأُمِرْنَا بوضعِ الركبتينِ قبلَ اليدينِ".

والحديثُ دليلٌ على أنهُ يقدِّمُ المصلِّي يديهِ قبلَ ركبتيهِ عندَ الانحطاطِ إلى السجودِ. وظاهرُ الحديثِ الوجوبُ لقولهِ: لا يبركنَّ؛ وهوَ نَهْيٌ، وللأمرِ بقولهِ: "وليضعْ". قيلَ: ولمْ يقلْ أحدٌ بوجوبهِ فتعينَ أنهُ مندوبٌ. وقدِ اختلفَ العلماءُ في ذلكَ؛ فذهب الهادويةُ، وروايةٌ عنْ مالكٍ، والأوزاعيِّ إلى العملِ بهذَا الحديثِ حتَّى قالَ الأوزاعي: أدركْنَا الناسَ يضعونَ أيديَهمْ قبلَ رُكَبِهمْ. وقالَ ابنُ أبي داودَ: وهوَ قولُ أصحابِ الحديثِ. وذهبتِ الشافعيةُ، والحنفيةُ، وروايةٌ عنْ مالكٍ إلى العملِ بحديثِ وائلٍ، وهوَ قولُهُ؛ (وَهُوَ) أي حديثُ أبي هريرةَ هذَا (أَقْوَى) في سندهِ (مِنْ حَدِيثِ وَائِلِ) وهوَ أنهُ قَالَ:

٤٤/ ٢٩٥ - رَأَيْتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: إِذَا سَجَدَ وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ، أَخْرَجَهُ الأَرْبَعَةُ (١). [ضعيف]

فَإِنَّ لِلأَوّلِ شَاهِدًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عمرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا صَحّحَهُ


(١) وهم: أبو داود (رقم ٨٢٨)، والترمذي (رقم ٢٦٨)، والنسائي (٢/ ٢٠ - رقم ١٠٨٩)، وابن ماجه (رقم ٨٨٢).
قلت: وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ٢٥٥)، والدارمي (١/ ٣٠٣)، والدارقطني (١/ ٣٤٥ رقم ٦)، والبيهقي (٢/ ٩٨)، والحا كم (١/ ٢٢٦)، وابن خزيمة (١/ ٣١٨ رقم ٦٢٦)، وابن حبان في "الإحسان" (٣/ ١٩٠ رقم ١٩٠٩)، والحازمي في "الاعتبار" (ص ٢٢٢).
قال الترمذي؛ هذا حديث حسن غريب، لا نعرفُ أحدًا رواهُ مثلَ هذا عن شَرِيك.
وقال الحاكم: احتج مسلم بشريك! ووافقه الذهبي! وليس كما قالا فإن مسلمًا أخرج له في المتابعات كما صرح بذلك المنذري في خاتمة "الترغيب والترهيب" (٤/ ٥٧١).
وقال ابن القيم في "زاد المعاد" (١/ ٢٢٣) وقد ذكر الحديث: "هو الصحيح".
وخالفهم الدارقطني، فقال عقبه: "تفرد به يزيد عن شريك، ولم يحدث به عن عاصم بن كليب غير شريك، وشريك ليس بالقوي فيما يتفرد به" اهـ. وخالفهم أيضًا البيهقي (٢/ ٩٩) بقوله: "هذا حديث يعد في أفراد شريك القاضي، وإنما تابعه همام من هذا الوجه مرسلًا، هكذا ذكره البخاري وغيره من الحفاظ المتقدمين رحمهم الله تعالى" اهـ.
وانظر: "الإرواء" رقم (٣٥٧).
والخلاصة: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.