للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

استسْقَى عندَ أحجارِ الزيتِ (١) بالدعاءِ"، وأخرجَ أبو عوانةَ في صحيحهِ (٢): "أنهُ شكا إليهِ - صلى الله عليه وسلم - قومٌ القحطَ فقالَ: اجْثُوا على الركبِ وقولُوا: يا ربُّ يا ربُّ"، وأجيبَ عنهُ بأنهُ قد ثبتَ صلاةُ ركعتينِ، وثبتَ تركُها في بعضِ الأحيانِ لبيانِ الجوازِ. وقد عدَّ في الهدي النبويّ (٣) أنواعَ استسقائِهِ - صلى الله عليه وسلم -.

فالأولُ: خروجُهُ - صلى الله عليه وسلم - إلى المصلَّى وصلاتُهُ وخطبتُهُ.

والثاني: يومُ الجمعةِ على المنبرِ أثناءَ الخطبةِ.

الثالثُ: استسقاؤُه على منبرِ المدينةِ، استسقَى مجرّدًا في غيرِ يومِ الجمعةِ،

ولمْ يُحفظْ عنهُ فيهِ صلاةٌ.

الرابعُ: أنهُ استسقَى وهو جالسٌ في المسجدِ، فرفعَ يديهِ ودعا اللَّهَ عزَّ وجلَّ.

الخامسُ: أنهُ استسقَى عندَ أحجارِ الزيتِ قريبًا منَ الزوراءِ، وهي خارجُ بابِ المسجدِ.

السادسُ: أنهُ استسقَى في بعضِ غزواتهِ لما سبقهُ المشركونَ إلى الماءِ، وأغيثَ - صلى الله عليه وسلم - في كلِّ مرةٍ استسقَى فيها.

واختُلِفَ في الخطبةِ في الاستسقاءِ، فذهبَ الهادي إلى أنهُ لا يخطبُ فيهِ لقولِ ابن عباسٍ: "لم يخطبْ"، إلَّا أنهُ لا يَخْفَى أنهُ ينفي الخطبةَ المشابهةَ لخطبتِهم، وذكرَ ما قالهُ - صلى الله عليه وسلم -. وقد زادَ في روايةٍ أبي داودَ (٤): "أنهُ - صلى الله عليه وسلم - رقَى المنبرَ". والظاهرُ أنهُ لا يرقاهُ إلَّا للخطبةِ، وذهبَ آخرونَ إلى أنهُ يُخطَبُ فيها كالجمعةِ لحديثِ عائشةَ الآتي (٥)، وحديثِ ابن عباسٍ (٦)، ثمَّ اختلفُوا: هلْ


(١) أحجار الزيت موضع في المدينة من الحرَّة، سميت بذلك لسواد أحجارها، كأنها طُليت بالزيت.
(٢) عزاه إليه الحافظ في "التلخيص" (٢/ ٩٤ - ٩٥).
(٣) لابن القيم (١/ ٤٥٦ - ٤٥٨).
(٤) في "السنن" (١/ ٦٨٨ رقم ١١٦٥) وقد تقدم.
(٥) رقم (٢/ ٤٨٠).
(٦) تقدم رقم (١/ ٤٧٩) إلا أن له ألفاظًا مختلفة، فيها ما هو صريح بالخطبة، وفيها ما فيه الدعاء فقط مع إنكار الخطبة.