للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أذًى-" وقال: "إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر: فإن رأى في نعليه قذرًا أو أذًى فليمسحه وليصلِّ فيهما" (١).

وقالت أم سلمة رضي الله تعالى عنها: يا رسول الله، إني ربما أمشي على مكان نجس، ثم على مكان طاهر، فقال: "الأرض يطهر بعضها بعضًا" (٢)، والمعنى فيه: أن للجلد صلابة تمنع دخول أجزاء النجاسة في باطنه، ولهذه النجاسة جِرم ينشف البلة المتداخلة إذا جفَّ، فإذا مسحه بالأرض، فقد زال عين النجاسة؛ فيحكم بطهارة الجلد كما كان عليه قبل الإصابة بخلاف الثوب، أو البساط فإنه رقيق تتداخل أجزاء النجاسة في باطنه فلا يخرجه إلا الماء، فإن الماء للطافته يتداخل في أجزاء الثوب فيخرج النجاسة، ثم يخرج على أثرها بالعصر (٣).

قوله: (وَقَوْمٌ لَمْ يُجِيزُوهُ إِلَّا فِي المُتَّفَقِ عَلَيْهِ، وَهُوَ المَخْرَجُ، وَفِي ذَيْلِ المَرْأَةِ وَفِي الخُفِّ، وَذَلِكَ مِنَ العُشْبِ اليَابِسِ لَا مِنَ الأذَى غَيْرِ اليَابِسِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَهَؤُلَاءِ لَمْ يُعَدُّوا المَسْحَ إِلَى غَيْرِ المَوَاضِعِ الَّتِي جَاءَتْ فِي الشَّرْعِ، وَأَمَّا الفَرِيقُ الآخَرُ فَإِنَّهُمْ عَدَّوْهُ، وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ هَلْ مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ رُخْصَةٌ أَوْ حُكْمٌ؟ فَمَنْ قَالَ: رُخْصَةٌ، لَمْ يُعَدّهَا إِلَى غَيْرِهَا -أَعْنِي: لَمْ يَقِسْ عَلَيْهَا-، وَمَنْ قَالَ: هُوَ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ كَحُكْمِ الغَسْلِ عَدَّاهُ، وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي العَدَدِ: فَإِنَّ قَوْمًا اشْتَرَطُوا الإِنْقَاءَ فَقَطْ فِي الغَسْلِ وَالمَسْحِ).

" الإنقاء": هو أن يُرجِع الحجر يابسًا غير مبلول، أو يبقى أثر لا يزيله إلا الماء.


(١) أخرجه أبو داود (٦٥٠)، وصححه الأرناؤوط.
(٢) أخرجه أبو داود (٣٨٣)، وصححه الأرناؤوط.
(٣) "المبسوط" للسرخسي (١/ ٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>