للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من النعم، لا يجزيه غير ذلك ما دام للمثل واجدًا. قالوا: فإن لم يكن له واجدًا، أو لم يكن للمقتول مثل من النعم، فكفارته حينئذ إطعام مساكين.

وقال زفر: معنى ذلك: أن للقاتل صيدًا عمدًا وهو محرم الخيار بين إحدى الكفارات الثلاث، وهي الجزاء بمثله من النَّعَم، والطعام، والصوم.

قالوا: وإنما تأويل قوله: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ}، {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا}، فعليه أن يجزي بمِثلِهِ من النَّعَم، أو يكفر بإطعام مساكين أو بعدل الطعام من الصيام.

* قوله: (وَاخْتَلَفُوا هَلْ يُقَوَّمُ الصَّيْدُ أَوِ الْمِثْلُ إِذَا اخْتَارَ الْإِطْعَامَ إِنْ وَجَبَ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ، فَيَشْتَرِي بِقِيمَتِهِ طَعَامًا؟ فَقَالَ مَالِكٌ (١): يُقَوَّمُ الصَّيْدُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ (٢): يُقَوَّمُ الْمِثْلُ).

اختلف القائلون بتخيير قاتل الصيد من المحرمين بين الأشياء الثلاثة


(١) يُنظر: "المدونة" (١/ ٤٤٤)؛ حيث فيها: "سألنا مالكًا عن الرجل يصيب الصيد وهو محرِم فيريد أن يحكم عليه بالطعام، أيُقَوَّمُ الصيد دراهم أم طعامًا؟ قال: الصواب من ذلك أن يقوم طعامًا ولا يقوم دراهم".
(٢) يُنظر: "بحر المذهب" للروياني (٤/ ٣٧)؛ حيث قال: "الصيد على ضربين ضرب له مِثل وضرب لا مثل له، فما له مثل من النعم يضمن بمثله، وذلك مثل النعامة مثلها بدنة وحمار الوحش بقرة والضبع مثلها شاة ونحو ذلك. وما لا مثل له كالعصافير ونحوها يضمن بالقيمة فيجري ضمان الصيد مجرى ضمان الآدميين ما له مثل يضمن بالمثل، وما لا مثل له يضمن بالقيمة، فإذا قتل صيدًا له مثل، فإنه مخير بين ثلاثة أشياء إن شاء أخرج المثل، وإن شاء قوم المثل دراهم يشتري بالدراهم طعامًا، ويتصدق به، وإن شاء صام عن كل مد يومًا، وإن كان مما لا مثل له يخير بين شيئين بين أن يقوم الصيد بدراهم في الموضع الذي أصيب فيه، والدراهم طعامًا بمكة، ويتصدق به، وبين أن يصوم عن كل مد يومًا، ولا يجوز إخراج القيمة، ووافقنا مالك في جميع ذلك إلا في فصل واحد، وهو أن عندنا إذا أراد إخراج الطعام، يقوم المثل دراهم، والدراهم طعامًا وعنده يقوم الصيد، ويقوم تلك القيمة طعامًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>