للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَى هَذَا، يَأْتِي التَّقْدِيرُ فِي الْآيَةِ بِمُشَابِهٍ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ، أَوْ عَدْلُ الْقِيمَةِ طَعَامًا، أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا. وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ هَلِ الْمُقَدَّرُ هُوَ الصَّيْدُ؟ أَوْ مِثْلُهُ مِنَ النَّعَمِ إِذَا قُدِّرَ بِالطَّعَامِ؟ فَمَنْ قَالَ: الْمُقَدَّرُ هُوَ الصَّيْدُ - قَالَ: لِأَنَّهُ الَّذِي لَمَّا لَمْ يُوجَدْ مِثْلُهُ رَجَعَ إِلَى تَقْدِيرِهِ بِالطَّعَامِ. وَمَنْ قَالَ: إِنَّ الْمُقَدَّرَ هُوَ الْوَاجِبُ مِنَ النَّعَمِ - قَالَ: لِأَنَّ الشَّيْءَ إِنَّمَا تُقَدَّرُ قِيمَتُهُ إِذَا عُدِمَ بِتَقْدِيرِ مِثْلِهِ، أَعْنِي: شَبِيهَةُ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إِنَّ الْآيَةَ عَلَى التَّخْيِيرِ - فَإِنَّهُ الْتَفَتَ إِلَى حَرْفِ (أَوْ)؛ إِذْ كَانَ مُقْتَضَاهَا فِي لِسَانِ الْعَرَبِ التَّخْيِيرَ. وَأَمَّا مَنْ نَظَرَ إِلَى تَرْتِيبِ الْكَفَّارَاتِ فِي ذَلِكَ فَشَبَهُهَا فِي الْكَفَّارَاتِ الَّتِي فِيهَا التَّرْتِيبُ بِاتِّفَاقٍ، وَهِيَ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ).

اختلفوا في معنى قوله: {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ}، وسبب الاختلاف، هو اختلافهم في: (أو).

فقال بعضهم: القاتل مخير في أي ذلك شاء فعل، وأنه بأيِّها كفَّر فقد أدَّى الواجب عليه، وإنما ذلك إعلامٌ من اللَّه تعالى لعباده أنَّ قاتل ذلك كما وصف لن يخرج حكمه من إحدى الخلال الثلاثة.

وقال آخرون: للقاتل صيدًا عمدًا وهو محرم الخيار بين إحدى الكفارات الثلاث، وهي الجزاء بمثله من النعم، والطعام، والصوم.

* قوله: (وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي هَلْ يُسْتَأْنَفُ الْحُكْمُ فِي الصَّيْدِ الْوَاحِدِ الَّذِي قَدْ وَقَعَ الْحُكْمُ فِيهِ مِنَ الصَّحَابَةِ - فَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ هُوَ هَلِ الْحُكْمُ شَرْعِيٌّ غَيْرُ مَعْقُولِ الْمَعْنَى؟ أَمْ هَذَا مَعْقُولُ الْمَعْنَى؟ فَمَنْ قَالَ: هُوَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى - قَالَ: مَا قَدْ حُكِمَ فِيهِ فَلَيْسَ يُوجَدُ شَيْءٌ أَشْبَهُ بِهِ مِنْهُ، مِثْلُ النَّعَامَةِ فَإِنَّهُ لَا يُوجَدُ أَشْبَهُ بِهَا مِنَ الْبَدَنَةِ، فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ الْحُكْمِ. وَمَنْ قَالَ: هُوَ عِبَادَةٌ، قَالَ: يُعَادُ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ).

<<  <  ج: ص:  >  >>