للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا يجزي، أي: لا يساوي ولا يكفي ولا يوازي ولد ما عمل له والده إِلَّا أن يشتريه فيعتقه؛ لأنه حرره من الرق.

* قوله: (فَقَالَ: الْجُمْهُورُ: يُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إِذَا اشْتَرَاهُ وَجَبَ عَلَيْهِ عِتْقُهُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ يَجِبُ عَلَيْهِ شِرَاؤُهُ (١). وَقَالَتِ الظَّاهِرِيَّةُ: الْمَفْهُومُ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَيْسَ يَجِبُ عَلَيْهِ شِرَاؤُهُ وَلَا عِتْقُهُ إِذَا اشْتَرَاهُ (٢)).

وجاءت رواية أخرى تنفي هذه التعليلات التي ذكرها أهل الظاهر ولم يوردها المؤلف، ولا شكَّ أن قولهم ضعيف، وقول الجمهور هو الظاهر.

* قوله: (قَالُوا: لِأَنَّ إِضَافَةَ عِتْقِهِ إِلَيْهِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ مِلْكِهِ لَهُ، وَلَوْ كَانَ مَا قَالُوا صَوَابًا، لَكَانَ اللَّفْظُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ فَيَعْتِقَ عَلَيْهِ).


(١) مذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٤/ ٣٦٦) حيث قال: " (وعتق بنفس الملك)، أي: بذات الملك"، و"مختصر القدوري" (ص ١٧٥) حيث قال: "وإذا ملك الرجل ذا رحم محرم منه عتق عليه".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (١٠/ ٣٦٦ - ٣٦٧) حيث قال: "إذا (ملك) ولو قهرًا (أهل تبرع أصله) من النسب (عتق) ".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "مطالب أولي النهى" للرحيباني (٤/ ٦٩٦) حيث قال: "يحصل العتق (يملك) من مكلف رشيد وغيره (لذي رحم محرم بنسب) ".
(٢) يُنظر: "المحلى بالآثار" لابن حزم (٨/ ١٨٩) حيث قال: "وأما من قال: لا يعتق أحد على أحد فإنهم ذكروا ما صح عن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - "لا يجزي ولد والدًا إِلَّا أن يجده مملوكًا فيشتريه فيعتقه".
قال أبو محمد: هذا حجة عليهم؛ لأن اللّه تعالى يقول: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: ١٤] فافترض - عَزَّ وَجَلّ - شكر الأبوين وجزاؤهما هو من شكرهما، فجزاؤهما فرض، فإذ هو فرض، وجزاؤهما لا يكون إِلَّا بالعتق فعتقهما فرض، وما نعلم لهم حجة غير ما ذكرنا. ثم نظرنا: فيما احتج به الأوزاعي فوجدنا من حجته قول اللّه تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى} [النساء: ٣٦] قال علي: وهذا لا يوجب العتق؛ لأن الإحسان فرض إلى العبيد، ولا يقتضي ذلك عتقهم فرضًا، ولو وجب ذلك في ابن العم، وابن الخال لوجب في كل مملوك؛ لأن الناس يجتمعون في أب بعد أب إلى آدم - عَلَيهِ السَّلامْ -، ولا يجوز أن يخص بهذا ابن العم، وابن الخال: دون ابن ابن العم وابن ابن الخال، وهكذا صعدا، فبطل هذا القول بيقين".

<<  <  ج: ص:  >  >>