للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَارَ إِلَى تَرْجِيحِ حَدِيثِ إِمَامَةِ جِبْرِيلَ جَعَلَ آخِرَ وَقْتِهَا المُخْتَارِ المِثْلَيْنِ، وَمَنْ صَارَ إِلَى تَرْجِيحِ حَدِيثِ ابْنِ عَمْرٍو جَعَلَ آخِرَ وَقْتِهَا المُخْتَارِ اصْفِرَارَ الشَّمْسِ، وَمَنْ صَارَ إِلَى تَرْجِيحِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: وَقْتُ العَصْرِ إِلَى أَنْ يَبْقَى مِنْهَا رَكعَةٌ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَهُمْ أَهْلُ الظَّاهِرِ كَمَا قُلْنَا. وَأَمَّا الجُمْهُورُ، فَسَلَكُوا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثِ ابْنِ عَمْرٍو مَعَ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، إِذْ كانَ مُعَارِضًا لَهُمَا كُلَّ التَّعَارُضِ، مَسْلَكَ الجَمْعِ؛ لِأَنَّ حَدِيثَيِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ تَتَقَارَبُ الحُدُودُ المَذْكُورَةُ فِيهِمَا، وَلذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ مَرَّةً بِهَذَا وَمَرَّةً بِذَلِكَ، وَأَمَّا الَّذِي فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَبَعِيدٌ مِنْهُمَا وَمُتَفَاوِتٌ فَقَالُوا: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّمَا خَرَجَ مَخْرَجَ أَهْلِ الأعْذَارِ).

اختلف العلماء في تحديد آخر وقت العصر، على ثلاثة أقوال:

١ - وقت العصر يبدأ بالمثل وينتهي بالمثلين، وهذه رواية للأئمة مالك والشافعي (١) وأحمد (٢)، وهذا ورد في حديث إمامة جبريل: مرة صلى به العصر عندما صار ظلُّ كل شيء مثله، ومرة عندما صار ظلُّ كل شيء مثليه؛ ثم قال جبريل في آخر الحديث: "يَا مُحَمَّدُ، هَذَا وَقْتُ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ، الوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ الوَقْتَيْنِ" (٣)؛ فكونه فيما بين هذين، أن وقت العصر محصور بين المثل والمثلين.

٢ - وقت العصر يبدأ بالمثل وينتهي باصفرار الشمس.


(١) تقدَّم نقله عنهما.
(٢) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (١/ ٢٥٢) قال: "ووقتها المختار من خروج وقت الظهر إلى أن يصير ظل الشيء مثليه، سوى ظل الزوال إن كان … وهو أي: بلوغ ظل الشيء مثليه سوى ظل الزوال آخر وقتها المختار".
(٣) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>