للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث أبي هريرة: يُحمَل على وقت الضرورة لأهل الأعذار، وبهذا نجمع بين الأدلة، ونسلك مسلك الجمع كالجمهور، ولا يكون بينها تعارض كما ذكر المصنف.

وينبغي للفقيه أن ينظر للنصوص كلها، ويحاول أن يجمع بينها، فكلما أمكن الجمع بين الأدلة والأخذ بها مجتمعة، والتوفيق بينها كان أفضل وأولى من الأخذ ببعضها وترك بعضها الآخر.

ولا شكَّ أن المحافظة على أداء الصلوات في أوقاتها أمر مطلوب ومتعين، وكلما أمكن الإنسان أن يؤدي الصلاة في أول وقتها فذلك أفضل وخير له، ما عدا صلاتين اختلف العلماء فيهما، وهما: صلاة الظهر (١)؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر بالإبراد (٢) بها في حالة اشتداد الحرِّ، وصلاة العشاء (٣)؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- صلَّاها متأخرًا، ورغب في تأخيرها كما صحَّ عنه في كتير من الأحاديث.

فهذه الشريعة بنيت على التيسير والتخفيف ورفع الحرج ومراعاة مصالح الناس، ولم تبن على عكس ذلك.

* قوله: (المَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: اخْتَلَفُوا فِي المَغْرِبِ؛ هَلْ لَهَا وَقْتٌ مُوَسَّعٌ كسَائِرِ الصَّلَوَاتِ أَمْ لَا؟ فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ وَقْتَهَا وَاحِدٌ غَيْرُ مُوَسَّعٍ، وَهَذَا هُوَ أَشْهَرُ الرِّوَايَاتِ عَنْ مَالِكٍ (٤) وَعَنِ الشَّافِعِيِّ (٥)، وَذَهَبَ


(١) تقدَّم ذكر مذاهب أهل العلم واختلافهم في وقت الظهر.
(٢) "الإبراد": انكسار الوهج والحر، وهو من الإبراد: الدخول في البرد. وقيل: معناه صلوها في أول وقتها، من برد النهار وهو أوله. انظر: "النهاية" لابن الأثير (١/ ١١٤).
(٣) سيأتي ذكر مذاهب أهل العلم فيها واختلافهم.
(٤) يُنظر: "عيون المسائل" للقاضي عبد الوهاب (ص ١١٢) قال: "وقت صلاة المغرب: غروب الشمس، وفت واحد لا تؤخر عنه في الاختيار … وبه قال ابن عبد الحكم، أن لها وقتين".
(٥) هو قوله في الجديد، يُنظر: "التنبيه في الفقه الشافعي" للشيرازي (ص ٢٥ - ٢٦) =

<<  <  ج: ص:  >  >>