للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ العِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، … فَلَمَّا أَنْ كَانَ اليَوْمُ الثَّانِي صَلَّى المَغْرِبَ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ، ثُمَّ قَالَ: "أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ؟ " فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا، يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: "وَقْتُ صَلَاتِكُمْ بَيْنَ مَا رَأَيْتُمْ ". وهو في "صحيح مسلم " (١).

فبين -صلى الله عليه وسلم- له الأوقات؛ ففي اليوم الأول: صلى المغرب عند مغيب الشمس، وفي اليوم الثاني: صلى المغرب عند مغيب الشفق.

والمراد بالشفق في جميع الأحاديث: هو الشفق الأحمر (٢).

ومغيب الشفق، أو فوره، أو ثوره، أو سقوطه: بمعنى واحد وهو: ذهاب ضوئه وحمرته (٣).

الرواية الثالثة: وقت المغرب يمتدُّ إلى طلوع الفجر، وتُؤوّلَ ذلك بأن هذا لأهل الأعذار؛ عند الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء، وصلاتي الظهر والعصر، ووافقه طاوس وعطاء (٤).

وهذه الأدلة المذكورة في روايتي مالك كلها صحيحة، وإن تعارض بعضها، فالأولى أن نجمع بينها، ولا نهملها، لأن الإعمال أولى من الإهمال، ولا يُرجح بين حديثين، ولا يُبحث عن الناسخ والمنسوخ منهما ما دام الجمع ممكنًا (٥).


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) "الشفق الأحمر": من غروب الشمس إلى وقت العشاء الآخرة ثم يغيب. انظر: "المصباح المنير" للفيومي (١/ ٣١٨).
(٣) "فور الشفق " هو: بقية حمرة الشمس في الأفق الغربي، سمي فورًا لسطوعه وحمرته. ويروى بالثاء. انظر: "النهاية" لابن الأثير (٣/ ٤٧٨).
(٤) يُنظر: "الإشراف" لابن المنذر (١/ ٣٩٩) قال: "وقد روينا عن طاوس أنه قال: لا تفوت المغرب والعشاء حثى الفجر، وروينا عن عطاء أنه قال: لا تفوت صلاة المغرب، والعشاء حتى النهار".
(٥) قال ابن قدامة في "روضة الناظر" (٢/ ٨٠): "إذا تعارض عمومان: فأمكن الجمع بينهما، بأن يكون أحدهما أخص من الآخر، فيقدم الخاص، أو يكون أحدهما=

<<  <  ج: ص:  >  >>