للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجمع بين هذه الأدلة -التي ظاهرها التعارض- غير متعذر؛ بل هو ممكن وميسور.

وأما الجمع ببنها فيكون كالآتي:

١ - تأوَّل أكثر العلماء حديث إمامة جبريل على أن ما ورد فيه من وقت للصلوات: هو وقت الفضيلة والاختيار وكراهة تأخير الصلوات، وما ورد في الأحاديث الأخرى هو وقت الجواز أو الضرورة؛ فلا تعارض بين الأدلة.

٢ - الأحاديث التي فيها امتداد للشفق متأخرة وهي صريحة الدلالة عن حديث إمامة جبريل؛ فحديث إمامة جبريل كان في أول الإسلام، وأحاديث بريدة وغيره كانت بالمدينة؛ فلا شك أن أحاديثهم مقدَّمة على حديث جبريل.

فالصلاة أول ما فُرِضَت فرضت بمكة عندما عُرج برسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى السماء، وبعدها نزل جبريل؛ ليعلم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أوقات الصلوات الخمس؛ فكان حديث جبريل.

وبعد انتشار الإسلام كانت الأعراب تأتي من البادية إلى المدينة لتسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فكان يعلمهم ويبين لهم الإسلام أحسن بيان؛ فهي أصرح وأبين وأدلّ على المراد من غيرها.

• الخلاصة:

أن العلماء مجمعون على أن الأفضل في صلاة المغرب هو أن تُصلَّى


= يمكن حمله على تأويل صحيح، والآخر غير ممكن تأويله، فيجب التأويل في المؤول، ويكون الآخر دليلًا على المراد منهن جمعًا بين الحديثين، إذ هو أولى من إلغائهما، وإن تعذر الجمع بينهما، لتساويهما، ولكونهما متناقضين، كما لو قال: "من بدل دينه فاقتلوه "، "من بدل دينه فلا تقتلوه ": فلا بد أن يكون أحدهما ناسخًا للآخر، فإن أشكل التاريخ طلب الحكم من دليل غيرهما. وانظر: "الشرح الكبير" للمنياوي (ص ٥٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>