للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: من العلماء مَن يرى وجوب تحريك اللسان وقالوا: إن ذلك لأهمية الفاتحة (١).

الثاني: منهم من قال لا يلزمه ذلك (٢).

وفي نظري: أن الذين قالوا لا يلزمه أولى؛ لأن اللسان أصلًا آلة ووسيلة للقراءة، فلما أصبح الإنسان غير قادر على القراءة فما فائدة تحريك اللسان؟!

ومثله تمامًا الإنسان الذي ليس له شعر - أي: الأصلع - فهل يلزمه إذا حج مثلًا أن يمر الموسى على رأسه؟ أو الذي تلده أمه مختونًا هل يلزمه أيضًا الختان؟

هذه مسائل كلها يذكرها العلماء ويستدلون بالحديث الطويل الذي جاء في آخره: " وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم " (٣)، وقد أسسوا في ذلك قاعدة معروفة وهي قولهم: (الميسور لا يسقط بالمعسور) (٤).


(١) انظر في مذهب الشافعية: " أسنى المطالب "، لزكريا الأنصاري (١/ ١٤٤)، وفيه قال: " (والأخرس يحرك) وجوبًا (لسانه وفمه) بأن يحرك شفتيه ولهاته (قدر إمكانه) قال ابن الرفعة: فإن عجز عن ذلك نواه بقلبه كما في المريض، ومثل ذلك يجري في القراءة، والتشهد والسلام وسائر الأذكار ".
(٢) انظر في مذهب الأحناف: " الدر المختار "، للحصكفي (١/ ٤٨١، ٤٨٢)، وفيه قال: " (ولا يلزم العاجز عن النطق) كأخرس وأمي (تحريك لسانه) وكذا في حق القراءة هو الصحيح، لتعذر الواجب، فلا يلزم غيره إلا بدليل فتكفي النية ".
وانظر في مذهب المالكية: " التاج والإكليل "، للمواق (٢/ ٢٧١)، وفيه قال: " ابن حبيب: من أعجزه قراءة لسانه أجزأته بقلبه. ابن رشد: من عجز عن حركات لسانه أجزأته صلاته دون أن يحرك لسانه. ابن بشير: إن عجز عن جميع الحركات ولم يبق له سوى النية بالقلب فلا نص فيها في المذهب ". وانظر: " الفواكه الدواني "، للنفراوي (١/ ٣٨٢).
وانظر في مذهب الحنابلة: " الإقناع "، للحجاوي (١/ ١١٧)، وفيه قال: " فإن لم يحسن إلا بعض الذكر كرره بقدر الذكر، فإن لم يحسن شيئًا منه وقف بقدر الفاتحة كالأخرس ولا يحرك لسانه ".
(٣) أخرجه البخاري (٧٢٨٨)، ومسلم (١٣٣٧/ ٤١٢).
(٤) انظر هذه القاعدة في: " الأشباه والنظائر "، للسبكي (١/ ١٥٥ - ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>