للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعضهم صاغها صياغة أُخرى فقال: (من قدر على بعض العبادة وعجز عن باقيها هل يلزمه الإتيان بما قدر عليه منها أم لا).

فهذا يستطيع أن يحرك اللسان فلماذا لا يحرك لسانه؟

لكن نحن نأتي إلى تحريك اللسان فنقول: هل تحريك اللسان مقصود لذاته أو أنه وسيلة إلى القراءة، فإذا كان وسيلة للقراءة والقراءة قد انتهت، فما كان من ضرورة القراءة قد انتهت أيضًا.

وكذلك الإنسان الذي يستطيع أن يصوم جزءًا من النهار ولا يستطيع أن يصوم النهار كله، فلا يلزمه أن يصوم بعض النهار لأنه لا يفيده.

إذن؛ من قدر على بعض العبادة وعجز عن باقيها لا يلزمه في هذه الحالة شيء.

لكن هناك صور يلزم الإنسان أن يؤدي فيها ما يستطيعه: كالذي يستطيع القيام ولا يستطيع القراءة، فيلزمه حينئذٍ أن يقوم، وآخر لا يستطيع القيام إلا على حد الراكعين، فيلزمه أيضًا القيام بالقدر الذي يستطيع وهكذا، وهذه قاعدة من أهم القواعد وأجلها.

وفي مطلع هذه المسألة: يبين المؤلف أن القراءة ركن من أركان الصلاة، لكن القراءة التي يقول عنها لا تسقط عمدًا ولا سهوًا يقصد بها قراءة الفاتحة، أما ما عداها ففيها خلاف، وبعض السلف يُوجب القراءة فيها (١)،


(١) اختلفوا في قراءة ما عدا سورة الفاتحة في الصلاة، فالأحناف على وجوبها في الركعتين الأوليين والجمهور على الاستحباب.
انظر في مذهب الأحناف: " درر الحكام "، لمنلا خسرو (١/ ٦٩)، وفيه قال: " (ويقرأ الفاتحة ويسمي)، أي: يقول بسم الله الرحمن الرحيم … (ويضم إليها)، أي: الفاتحة (سورة أو ثلاث آيات) من أي سورة شاء (وما سوى الفاتحة والضم سنة) … (وهما)، أي: الفاتحة والضم (وأجبان) قراءة الفاتحة ليست بركن عندنا، وكذا ضم السورة إليها ".
وانظر في مذهب المالكية: " الشرح الكبير "، للشيخ الدردير (١/ ٢٤٢)، وفيه قال: " (وسننها)، أي: الصلاة الفرض وكذا النفل إلا الأربعة الأول السورة والقيام لها =

<<  <  ج: ص:  >  >>