للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيهما أن عمر - رضي الله عنه - أعاد الصلاة؛ إذن هذا الأثر الذي استدل به هؤلاء غير صحيح لأن ما صح عن عمر - رضي الله عنه - في هذه الصلاة أنه أعاد (١).

- وأما ما نُقل عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: فهو أثر ضعيف لأنه من رواية الحارث الأعور وهو كثيرًا ما يروى عن علي - رضي الله عنه -، والعلماء متفقون على ضعفه (٢).

- وأما ما نُقل عن زيد - رضي الله عنه - بأن القراءة في الصلاة من السنة؛ قيل: قصده بذلك ما كان على سنن المصحف؛ أي: ما جاء في كتاب الله عز وجل، وليس المراد من ذلك ما هو في لغة العرب مما قد يختلف مع القرآن (٣).

وبهذا ننتهي إلى أن القراءة واجبة، ونذكر من الأدلة على ذلك:

الأول: حديث عبادة المتفق عليه الذي قال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " (٤). وحرف " لا " نافية، وكلمة " صلاة " نكرة، والنكرة في سياق النفي تعم (٥)، فلا يصح صلاة لا يُقرأ فيها بفاتحة الكتاب.


(١) أخرج البيهقي في " السنن الكبرى " (٢/ ٥٣٤): " أن أبا موسى الأشعري قال لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: يا أمير المؤمنين، أقرأت في نفسك قال: لا؛ فأمر المؤذنين فأذنوا وأقاموا وأعاد الصلاة بهم ". وهذه الروايات عن إبراهيم والشعبي مرسلة كما قال الشافعي، ورواية أبي سلمة وإن كانت مرسلة فهو أصح مراسيل، وحديثه بالمدينة في موضع الواقعة كما قال الشافعي: لا ينكره أحد إلا أن حديث الشعبي قد أسند من وجه آخر، والإعادة أشبه بالسنة في وجوب القراءة، وأنها لا تسقط بالنسيان كسائر الأركان.
(٢) تقدَّم.
(٣) قال البيهقي: "" القراءة سنة " إنما أراد - والله أعلم - أن اتباع من قبلنا في الحروف وفي القراءات سنة متبعة لا يجوز مخالفة المصحف الذي هو إمام ولا مخالفة القراءات التي هي مشهورة، وإن كان غير ذلك سائغًا في اللغة أو أظهر منها وبالله التوفيق ". انظر: " السنن الكبرى " (٢/ ٥٣٩).
(٤) أخرجه البخاري (٧٥٦)، ومسلم (٣٩٤/ ٣٤).
(٥) انظر هذه القاعدة في: " روضة الناظر "، لابن قدامة (٢/ ١٣)، وفيه قال " النكرة في سياق النفي، كقوله تعالى: {وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ}، {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ} ".

<<  <  ج: ص:  >  >>