للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي بعض الروايات: " أن ابن عباس تردد فقال: لا أدري أقرأ أم لم يقرأ " (١).

ولذلك أجاب العلماء عن ذلك: بأن ابن عباس وإن كان ذكر ذلك، فغيره من الصحابة - رضي الله عنهم - ممن هم أعلم منه وأكبر سنًّا وأكثر معاصرة للرسول - صلى الله عليه وسلم - بينوا - كما سيأتي في حديث أبي قتادة (٢) وغيره -: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قرأ في الظهر في الركعتين الأوليين بالفاتحة وسورتين؛ يطول في الأولى ويقصر في الثانية، وأنه قرأ في الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب (٣).

* قوله: (وَأَخَذَ الجُمْهُورُ بِحَدِيثِ خَبَّابٍ: " أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يَقْرأُ فِي الظُّهْرِ وَالعَصْرِ، قِيلَ: فَبِأَيِّ شَيْءٍ كنْتُمْ تَعْرِفُونَ ذَلِكَ؟ قَالَ: بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ " (٤)).

وهذا الحديث أورده الإمام البخاري في عدة روايات بصيغة الاستفهام عن طريق معرفتهم لقراءة رسول الله وهي سرية (٥)، فقال


(١) أخرجه أحمد في " مسنده " (٢٣٣٢)، عن ابن عباس، قال: " ما سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، شيئًا إلا وقد علمته غير ثلاث: لا أدري أكان يقرأ في الظهر والعصر أم لا؟ ". قال الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(٢) أخرجه البخاري (٧٥٩)، واللفظ له، ومسلم (٤٥١/ ١٥٥)، عن أبي قتادة، قال: " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر بفاتحة الكتاب، وسورتين يطول في الأولى، ويقصر في الثانية ويُسمع الآية أحيانًا، وكان يقرأ في العصر بفاتحة الكتاب وسورتين، وكان يطول في الأولى، وكان يطول في الركعة الأولى من صلاة الصبح، ويقصر في الثانية ".
(٣) انظر: " المسالك في شرح موطأ مالك " لابن العربي (٢/ ٣٥٤)، وفيه قال: " وأما ما روي عن ابن عباس: " أنه سأله رجل: أفي الظهر والعصر قراءة؟ قال: ل ا". فإنه لا يعارضه بحال؛ لأن الأول - وهو حديث أبي قتادة - أثبت، وعليه العمل عند جماعة العلماء. والحجة القاطعة في ذلك: ما روي عن أبي هريرة أنه قال: " في كل صلاة قراءة، فما أسمعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسمعناكم، وما أخفاه عنا أخفينا عنكم ".
(٤) تقدَّم.
(٥) أخرجه البخاري (٧٤٦) بلفظ: " بم كنتم تعرفون ذاك؟ قال: باضطراب لحيته ".=

<<  <  ج: ص:  >  >>