للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسبب تعدد الآراء في المذهب تفسير عبارة: " ما تيسر "، فأقل ما يتناوله اسم القراءة قد يكون آية تامة، أو ثلاث آيات قصيرة، أو آية طويلة كآية الدين (١).

وفي سياق الرد عليهم - أي: الحنفية - نقول:

- وأما قولهم بأن آيات القرآن تتساوى في الحرمة: فنحن نقول: إن آيات القرآن وسوره كلها لها حرمة، ولكنها حقيقة تتفاوت، ومن أدلة ذلك موضوع القراءة في الصلاة؛ فالفاتحة ورد النص في وجوب قراءتها كما في حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - المتفق عليه: " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " (٢).

- أما استدلالهم بالآية: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ}، فقد أجاب العلماء عن ذلك بأنها وردت في صلاة الليل، ولم يقصد بها تحديد القدر الذي يجب قراءته في الصلاة (٣).

- وأما ما جاء في حديث المسيء صلاته: " ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن " فقالوا: إنه جاء في بعض الروايات قوله: " ثم اقرأ بأم القرآن " (٤). وفي أُخرى قال: " ثم اقرأ بفاتحة الكتاب في كل ركعة " (٥). فهذه الروايات


(١) سبق من كلام الجصاص في ذكر الخلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه. وهذا الاختلاف أيضًا وارد في السورة التي بعد الفاتحة.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) انظر: " المغني "، لابن قدامة (١/ ٣٤٤)، وفيه قال: " وأما الآية، فتحتمل أنه أراد الفاتحة وما تيسر معها، ويحتمل أنها نزلت قبل نزول الفاتحة، لأنها نزلت بمكة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - مأمور بقيام الليل، فنسخه الله تعالى عنه بها ".
(٤) أخرج هذه الرواية أحمد في، " مسنده " (١٨٩٩٥)، وصححها الأرناؤوط.
(٥) أقرب ما وقفت عليه ما أخرجه البغوي في " شرح السنة " (٣/ ١٠)، وفيه: " ثم اقرأ بفاتحة الكتاب، وما تيسر، ثم اركع، فإذا ركعت، فاجعل راحتيك على ركبتيك، فامدد ظهرك، ومكن لركوعك، وإذا رفعت رأسك، فقم حتى ترجع العظام إلى مفاصلها، ثم اسجد، فإذا سجدت، فمكن لسجودك، فإذا رفعت، فاجلس على فخذك اليسرى، ثم اصنع ذلك في كل ركعة وسجدة ". قال البغوي: حديث حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>