للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُحْسِنُ غَيْرَهُ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: " إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَأَسْبغِ الوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ، ثمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا ") (١).

والرسول - صلى الله عليه وسلم - أعطاه وصفًا دقيقًا عن ركعة من الركعات، وهو بعد ذلك يفعل ما فعله في هذه الركعة في البقية، لكنه بعد ركعتين سيجلس للتشهد كما هو معلوم، وكل الصلوات فيها تشهدان ما عدا صلاة الفجر إذ ليس فيها إلا ركعتان.

وقوله: " ثُمَّ اسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ فَكَبِّرْ " فيه أنه سكت هنا عن النية؛ لأن النية إنما ترتبط بالتكبير فتكون معه تمامًا كمذهب الشافعية، أو تسبقه ولو بقليل دون فصل كما هو مذهب الحنفية والحنابلة (٢).

وبظهر جليًّا في هذا الحديث شيء من منهج الرسول - صلى الله عليه وسلم - في تعليم أصحابه: فقد يعطي الرجل الفرصة لتصحيح غلطه أو ليعرف أنه مخطئ فيسأل ثم بعد ذلك يذكِّره بما يجب، فهذا الصحابي - رضي الله عنه - في قوله: " والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره "؛ أي: فعلمني، وهنا أظهر حاجته للتعلم، فطلب من الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يعلمه، ومعلوم أن الإنسان عندما يطلب الشيء فيُلقى عليه يترك أثرًا في نفسه أكثر من غيره.

ومثل هذه الفوائد الكثير في تعامله عليه الصلاة والسلام مع أصحابه، ولا ينبغي لنا تفويت مثل هذه الأمثلة التربوية المستفادة ممن لا ينطق عن الهوى.


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) سبقت هذه المسألة.

<<  <  ج: ص:  >  >>