للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن ذلك: ما رواه الإمام مسلم عن معاوية بن الحكم السلمي - رضي الله عنه -، قال: بينا أنا أصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله! فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: وا ثُكل أمياه! ما شأنكم تنظرون إلي، فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت، فلما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني، قال: " إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن " (١). إذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيَّن له ما ينبغي أن يفعله فوجهه توجيهًا سليمًا لا عوج فيه ولا انحراف.

وقد يسأل السائل عن شيء فيجيبه بأكثر من سؤاله، ومن ذلك: ما روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سأل رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، إنا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من البحر؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " هو الطهور ماؤه، الحل ميتته " (٢). والشاهد من الحديث أنه أجابه بقاعدة عظيمة فيها جوابه وأجوبة لأسئلة كثيرة أُخرى، وهذا ما يُسمَّى بجوامع الكلم.

* قوله: (وَأَمَّا المُعَارِضُ لِهَذَا، فَحَدِيثَان ثَابِتَان مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا).

والمؤلف أورد هذا الحديث حجة للحنفية، لكن قد أجبنا عن الاستدلال به كما سبق من أنه جاء في بعض رواياته: " ثم اقرأ بأم القرآن " (٣)، وفي بعضها أيضًا: " ثم اقرأ بفاتحة الكتاب " (٤)، كما أن من العلماء مَن فسر الإطلاق في قوله: " ما تيسر " بأن القصد بما تيسر هي الفاتحة (٥).


(١) أخرجه مسلم (٥٣٧/ ٣٣).
(٢) أخرجه أبو داود (٨٣) وغيره عن أبي هريرة، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود - الأم " (٧٦).
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) تقدَّم تخريجه.
(٥) سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>