للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (أَحَدُهُمَا: حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- قَالَ: "لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ") (١).

ونحن نقول: هل يطمئن مسلم بعد أن يسمع هذا الحديث الذي نطق به محمد بن عبد اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال:"لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" ثم يتساهل في هذا الأمر، هل تطمئن نفس المؤمن ويرتاح فؤاده وتستقر جوارحه وهو يصلي ويتعبد للَّه -سبحانه وتعالى- دون أن يقرأ الفاتحة، والصلاة كما هو معروف هي الركن الثاني بعد التوحيد، فكيف يصلي المرء وهو لا يقرأ الفاتحة وهذه الأحاديث تقرع آذانه (٢)؟!

فمهما حصل من خلاف بين العلماء ومهما حاولوا من إقامة أدلة، ومهما حاولوا أيضًا من رد أدلة من خالفهم والإجابة عنها، فكل أدلتهم في نظري هي إما أدلة ضعيفة أو أدلة مجملة بيَّنَتْها أدلة أُخرى صحيحة صريحة نص في المسألة.

فلا ينبغي للمسلم في هذه الصلاة التي هي أقرب وسيلة يناجي فيها ربه، وهي التي قال فيها اللَّه -سبحانه وتعالى-: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (٤٥) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (٤٦)} [البقرة: ٤٥، ٤٦]، كما أن فيها: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد" (٣)، وأهل العلم يقولون: إنه لا ينبغي للإنسان أن يقصر في أمر من أمور الصلاة في السنن، فما بالكم أن يترك الإنسان ركن من أركان الصلاة؟!

كما أنه لا ينبغي أن يُحمل المسلم على أن يخالف حديثًا من أحاديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صحيحًا وصريحًا في أمر من الأمور لمجرد أنه


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) تقرع آذانه: أي تضربها وتؤثر فيها، وكل شيء ضربته بشيء فقد قرعته. انظر: "غريب الحديث"، للحربي (٣/ ١٠٢٤).
(٣) معنى حديث أخرجه مسلم (٤٨٢/ ٢١٥) عن أبي هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أقرب ما يكون العبد من ربه، وهو ساجد، فأكثروا الدعاء".

<<  <  ج: ص:  >  >>