للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخالف مذهبًا وهو ينحي ذلك المذهب أو يأخذ به، فإذا كان أصحاب المذاهب الذين يتعصب البعض لارائهم ويقتدون بآرائهم هم أنفسهم تبرؤوا من أقوالهم إذا كانت على خلاف ما جاء عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

والإمام الشافعي قد وضع قاعدة بقوله: "إذا صح الحديث فهو مذهبي" (١).

ومالك إمام دار الهجرة يقول: "ما منا إلا راد ومردود إلا صاحب هذا القبر" (٢) -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وأحمد يقول: "لا تقلدوني ولا تقلدوا مالكًا ولا الأوزاعي، ولكن خذوا من حيث أخذوا (٣) ".

وأبو حنيفة لما قيل له ما معناه: "أهذا الحق الذي انتهيت إليه؟ قال: لا أدري لعله الباطل الذي لا شك فيه" (٤).


(١) أخرج البيهقي في "مناقب الشافعي" (١/ ٤٧٢) عن الربيع بن سليمان المرادي، قال: سمعت الشافعي يقول: "إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقولوا بسنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ودعوا ما قلت".
وللإمام تقي الدين السبكي رسالة تناول فيها كلمة الشافعي هذه بالشرح والبيان، وما يجب أن تحمل عليه وتقيد به سماها: "معنى قول المطلبي إذا صح الحديث فهو مذهبي".
(٢) نسبة هذا الكلام إلى مالك هو المشهور عند المتأخرين، وقد أخرجه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (٢/ ٩٢٥)، وابن حزم في "أصول الأحكام" (٦/ ١٧٩) من قول الحكم بن عُتَيبة ومجاهد، وأورده تقي الدين السبكي في "الفتاوى" (١/ ١٣٨) من قول ابن عباس -متعجبًا من حسنه-، ثم قال: "وأخذ هذه الكلمة من ابن عباسٍ مجاهدٌ، وأخذها منهما مالك -رضي اللَّه عنه-، واشتهرت عنه". وانظر: "سير أعلام النبلاء"، للذهبي (٨/ ٩٣).
(٣) ذكره ابن القيم في "إعلام الموقعين" (٢/ ١٣٩) عن الإمام أحمد.
وفي مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود السجستاني (ص ٣٦٩): "قلت لأحمد: أليس الأوزاعي هو أتبع من مالك؟ قال: لا تقلد دينك أحدًا من هؤلاء، ما جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه فخذ به، ثم التابعين بعد الرجل فيه مخير".
(٤) أخرج الخطيب البغدادي في "تاريخه" (١٣/ ٤٠٢) عن مزاحم بن زفر قال: "قلت =

<<  <  ج: ص:  >  >>