للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن؛ هؤلاء هم الأئمة وأقوالهم؛ فالعلماء الصادقون المخلصون الذين وقفوا أنفسهم لخدمة هذا الدين، وأفنوا أعمارهم في بيانه وفي دعوة الناس إليه، وفي تقريبه أيضًا إلى النفوس، وفي تبيين ما في بعض مسائله مما يحتاج إلى بيان، هؤلاء كلهم ما دعوا إلى تقليدهم فيما يخالف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فما بالك أيضًا فيما يعارض كتاب اللَّه عزَّ وجلَّ! واللَّه سبحانه وتعالى يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [النور: ٦٣]، وقال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِر} [النساء: ٥٩].

إذن؛ في كل أمر يختلف فيه ينبغي أن نرجع إلى كتاب اللَّه عزَّ وجلَّ، وذلك في كل عصر وفي كل مصر؛ فقد كانوا يرجعون إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في حياته، فلما مات كان المرجع إلى ما صح من سنته -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو يقول: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدًا: كتاب اللَّه وسنتي" (١).

إذن؛ معنا مصدران غضَّان (٢) طريان لا ينتهيان مهما أخذ منهما، فهما لا يتجددان ولا ينتهيان ولا ينفذان، إنهما مصدر هذه الأمة وهما دستورها وهما المرجع الذي يرجع إليه المسلمون في كل وقت وفي كل زمان.

* قوله: (وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ القُرْآنِ، فَهِيَ خِدَاجٌ، فَهِيَ خِدَاجٌ، فَهِيَ خِدَاجٌ"، ثَلَاثًا (٣). وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ المُتَقَدِّمُ ظَاهِر أَنَّهُ يُجْزِئُ مِنَ


= لأبي حنيفة: يا أبا حنيفة، هذا الذي تفتي، والذي وضعت في كتبك، هو الحق الذي لا شك فيه؟ قال: فقال: واللَّه ما أدري لعله الباطل الذي لا شك فيه".
(١) أخرج ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (١/ ٧٥٥) عن كثير بن عبد اللَّه بن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب اللَّه وسنة نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-". وأخرجه مالك في "موطئه" بلاغًا (٢/ ٨٩٩)، وحسنه الألباني في "مشكاة المصابيح" (١٨٦).
(٢) الغَضّ والغَضيضُ: الطري. انظر: "العين"، للخليل (٤/ ٣٤١).
(٣) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>