للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحن نقول: إن الإبهام الذي ذكره قد ارتفع بما جاء في روايات أُخرى ترفع الإبهام وتزيل اللبس (١).

وقلنا: إن الكلام الذي ذكره المؤلف كله لا حاجة له؛ لأنه حقيقة لا اجتهاد مع النص (٢)، فالنصوص في هذه المسألة صحيحة وواضحة ولا تحتمل مثل هذا الخوض والتعمق في مثل هذه الكلمة ودلالاتها.

* قوله: (وَأَمَّا اخْتِلَافُ مَنْ أَوْجَبَ أُمَّ الكِتَابِ فِي الصَّلَاةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، أَوْ فِي بَعْضِ الصَّلَاةِ (٣)، فَسَبَبُهُ احْتِمَالُ عَوْدَةِ الضَّمِيرِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ القُرْآنِ" عَلَى كُلِّ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ، أَوْ عَلَى بَعْضِهَا، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ قَرَأَ فِي الكُلِّ مِنْهَا، أَوْ فِي الجُزْءِ -أَعْنِي: فِي رَكْعَةٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ- لَمْ يَدْخلْ تَحْتَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا" (٤)، وَهَذَا الِاحْتِمَالُ بِعَيْنِهِ هُوَ الَّذِي أَصَارَ أَبَا حَنِيفَةَ إِلَى أَنْ يَتْرُكَ القِرَاءَةَ أَيْضًا فِي بَعْضِ الصَّلَاةِ، أَعْنِي: فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأَخِيرَتَيْنِ).


(١) وهو الذي استدل به الجمهور في تبيين مبهم الحديث.
(٢) وذلك لأن الاجتهاد لا يكون إلا مع الدليل الظني. انظر: "صفة الفتوى"، لابن حمدان (ص ٥٣)، وفيه قال: "ويجوز التقليد فيما يطلب فيه الظن من الأحكام الشرعية وإثباتها بدليل ظني، وكل حكم يثبت بدليل ظني فهو اجتهادي؛ إذ لا اجتهاد مع القطع؛ فإن الاجتهاد بذل الوسع في طلب الحكم الشرعي بدليله".
وضرب الخطيب لذلك مثلًا، فقال: "وذلك كنص اللَّه تعالى على وجوب الجزاء من النعم في المقتول من الصيد، ولم ينص على ما يعتبر من المماثلة، فكان ما نص عليه أنه من النعم لا اجتهاد فيه". انظر: "الفقيه والمتفقه"، للخطيب البغدادي (١/ ٤٦٧).
(٣) سبقت هذه المسألة.
(٤) لكن ذهب ابن عبد البر في توجيه الحديث إلى وجه آخر هو أقوى مما ذكره المؤلف، خلاصته: أن ظاهر الحديث يقضي بأن من صلى بالفاتحة في ركعة واحدة أجزأته الصلاة، وغير الظاهر وهو مذهب الجمهور، خلافًا للأحناف أنه لا بد منها في كل ركعة؛ لأن كل ركعة تسمى صلاة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>