للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحن نقول: إن أبا حنيفة قال هذا، لكن هل هو ترك القراءة في الصلاة؟ هذا يحتاج إلى دليل (١)، فعندما يأتي إمام ويقرر رأيًا في مسألة معينة أو يميل إلى رجحانه، فليس معناه أنه لا يأخذ بغيره، وأبو حنيفة نفسه يرى أن الأولى والأحوط في هذا القول، ولا يُلتفت لما قيل في مثل هذه المسألة وما ينقل عن المذهب.

* قوله: (وَاخْتَارَ مَالِكٌ أَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ مِنَ الرُّبَاعِيَّةِ بِالحَمْدِ وَسُورَةٍ، وَفِي الأَخِيرَتَيْنِ بِالحَمْدِ فَقَطْ) (٢).

وهذا أيضًا مذهب الشافعي (٣)، وأحمد (٤).

* قوله: (فَاخْتَارَ الشَّافِعِيُّ أَنْ يقْرَأَ فِي الأَرْبَعِ مِنَ الظُّهْرِ بِالحَمْدِ وَسُورَةٍ إِلَّا أَنَّ السُّورَةَ الَّتِي تُقْرَأُ فِي الأُولَيَيْنِ تَكُونُ أَطْوَلَ، فَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ الثَّابِتِ: "أَنَّهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- كَانَ يَقْرَأُ فِي


= انظر: "التمهيد"، لابن عبد البر (٢٠/ ١٩٩)، وفيه قال: "هل يتعين وجوبها في كل ركعة أو مرة واحدة في الصلاة كلها على ظاهر الحديث، لأنه لا يخلو قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب"، وقوله: "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج" من أن يكون على ظاهره أو يكون معنى قوله: "كل صلاة" كل ركعة. . . وقد قام الدليل من أقوالهم أن القراءة لا بد منها في ركعتين أقل شيء؛ فعلمنا بذلك أن الحديث المذكور ليس على ظاهره، وأن معنى قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فلا صلاة له وهي خداج غير تمام" أنه أراد كل ركعة".
(١) قد يوجَّه هذا بأن المؤلف لم يرد حقيقة اللفظ دانما أراد أن يصف مذهبه.
(٢) سبق.
(٣) انظر: "فتح الوهاب"، لزكريا الأنصاري (١/ ٤٨)، وفيه قال: "سن أن (يقرأ غيره)، أي: غير المأموم من إمام ومنفرد (سورة) غير الفاتحة (في) ركعتين (أوليين) جهرية كانت الصلاة أو سرية للاتباع".
(٤) انظر: "مطالب أولي النهى"، للرحيباني (١/ ٤٣٥)، وفيه قال: " (ثم يقرأ) المصلي بعد الفاتحة حال كونه (مبسملًا) نصًّا (سورة كاملة ندبًا). قال في "شرح الفروع": لا خلاف بين أهل العلم في استحباب قراءة سورة مع الفاتحة في الركعتين الأوليين من كل صلاة".

<<  <  ج: ص:  >  >>