للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَلِاخْتِلَافِهِمْ أَيْضًا سَبَبٌ آخَرُ، وَهُوَ اخْتِلَافُ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ).

عاد المؤلف مرةً أُخرى ليُبين أنَّ من أسباب الخلاف الأدلة، وكان ينبغي أن يُقدِّم الدليل على العقل؛ لأنه -كما هو معلومٌ- يُقَسِّم العلماء الأدلة إلى قسمين؛ أدلة نقليةٌ، وهي: الأدلة التي في كتاب اللَّه -عزَّ وجلَّ-، وفي سُنّة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- وما يُلحق بذلك إجمالًا، وهناك أدلة عقليةٌ التي هي القياس؛ لأنها تقوم على الأصل.

لكن ليس القصد من كون الأدلة العقلية هي القياس المبني على العقل، أن القياس ليس بصحيحٍ؛ لأنَّ القياس إلحاق فرعٍ بأصلٍ في حكم؛ لعلةٍ تجمع بينهما، فلا بد من وجود رابطٍ بين الأصل وبين الفرع، بين الفرع الذي تلحقه بالأصل، وبين الأصل الذي أصبح مقيسًا عليه، لا بد من وجود عِلةٍ رابطةٍ، هذه العلة هي السبب الذي جعل الأصولي يُلحق الفرع بالأصل، كأن يُلحق الأرز بالقمح؛ لعِلة الكيل والوزن والطعم والاقتيات؛ لأنَّ الأرز ما كان معروفًا، لكن المواصفات الموجودة في القمح موجودةٌ فيه، فهل نقول: الأصل ما يصدق فيه الربا؟ لا، بل يصدق فيه الربا، إذن نلحقه به، وربما يكون المقيس أقوى من المقيس عليه، وهذا ما يُعرف بمفهوم موافقة الأولى، وهناك مفهوم موافقة موافق، وهناك مفهوم مخالفةٍ، ومفهوم المخالفة سيأتي في حديث: "في سائمة الغنم الزكاة".

* قوله: (وَذَلِكَ أَنَّهُ رَوَى جَابِرٌ عَنِ النَّبِيِّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- أَنَّهُ قَالَ: "لَيْسَ فِي الْحُلِيِّ زَكَاةٌ" (١)).


(١) يُنظر: "معرفة السنن والآثار" للبيهقي (٦/ ١٤٤)؛ حيث قال: "وَالَّذِي يَرْوِيهِ بَعْضُ فُقَهَائِنَا مَرْفُوعًا: لَيْسَ فِي الْحُلِيِّ زَكَاةٌ، لَا أَصْلَ لَهُ إِنَّمَا يُرْوَى، عَنْ جَابِرٍ مِنْ قَوْلِهِ غَيْرَ مَرْفُوع، وَالَّذِي يُرْوَى عَنْ عَافِيَةَ بْنِ أَيُّوبَ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، مَرْفوعًا، بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ، وَعَافِيَةُ بْنُ أَيُّوبَ مَجْهُولٌ، فَمَنِ احْتَجَّ بِهِ مَرْفُوعًا كَانَ مُغَرَّرًا بِدِينِهِ، دَاخِلًا فِيمَا نَعِيبُ بِهِ الْمُخَالِفِينَ فِي الِاحْتِجَاجِ بِرِوَايَةِ الْكَذَّابِينَ، وَاللَّهُ يَعْصِمُنَا مِنْ أَمْثَالِهِ".

<<  <  ج: ص:  >  >>