للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سائمة يعني غير معلوفةٍ، ومنطلقة ترعى في الصحاري، فلا يعلفها صاحبها، ولا ينفق عليها؛ لأنَّ صاحب الماشية أو غيرها لو علفها ربما تكون النفقة عليها تكلفه أكثر من قيمتها، لكنه مقابل الخدمة تجد أنه يعلفها، لكن السائمة لا ينفق عليها شيئًا وهو يستفيد بها، إذن مقابل هذا تُزكى، فالخيل السائمة يرى أبو حنيفة -كما ذكر المؤلف- أن فيها زكاة، وجمهور العلماء -ومنهم الأئمة الثلاثة وغيرهم- يقولون: لا زكاة في الخيل، وأبو حنيفة عندما قال إن الخيل فيها زكاةٌ استدل بحديث: "في سائمة الخيل الزكاة، في كل فرسٍ دينار" أو "في الخيل السائمة في كل فرسٍ دينار" يعني كل فرسٍ فيه دينارٌ.

وبعض أهل العلم يقول: فيها رُبع العشر، فالشاهد هنا أنَّ أبا حنيفة يرى أن في الخيل زكاةً، وأن دليله في ذلك هذا الحديث: "في سائمة الخيل الزكاة، في كل فرسٍ دينارٌ"، وأما جمهور العلماء فلهم عدة أدلة في الصحيحين وفي غيرهما، ومن تلك الأحاديث قوله -عليه الصلاة والسلام-: "ليس على المسلم في فرسه وغلامه صدقة"، والقصد بالصدقة هنا الزكاة، (ليس)، و (ليس) -كما هو معلوم- من أخوات كان، وهي وإن كانت فعلًا جامدًا ماضيًا، فهي نافيةٌ أيضًا تتضمن معنى النفي، فليس على المسلم في فرسه ولا في غلامه صدقة.

وفي الحديث الآخر: "ليس على الرجل في فرسه ولا عبده صدقة"، وهذان الحديثان جاءا بلفظين متفقٍ عليهما، والحديث الأول الذي استدل به أبو حنيفة مختلفٌ عليه، وصاحباه أيضًا خالفاه في هذه المسألة، وحديث علي -رضي اللَّه عنه- عند الترمذي وغيره، حديثٌ صحيحٌ، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "عفوت لكم عن صدقة الرقيق والخيل".


= (وكان أبو حنيفة -رضي اللَّه عنه- يوجب الزكاة في الخيل السائمة إذا حال عليها الحول، وهي كذلك إذا كانت ذكورًا وإناثًا، يلتمس نسلها مع ذلك، فيكون المصدق بالخيار: إن شاء أخذ منه لكل فرس دينارًا، وإن شاء قومها، ثم زكاها كما تزكى الدراهم.
وقال أبو يوسف ومحمد: ليس في الخيل صدقةٌ على حالٍ) ".

<<  <  ج: ص:  >  >>