للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذًا لا زكاة فيه، فليس على المسلم أو الرجل في غلامه أو فرسه صدقةٌ، ليس على الرجل في عبده وفرسه صدقة، "عفوتُ لكم عن صدقة الخيل والرقيق"، هذه كلها نصوصٌ صحيحةٌ، دليلٌ على أنه لا زكاة فيها، ثم إنَّ الخيل تختلف عن غيرها فيما تجب فيه الزكاة، فأنت ترى أنَّ الحمير ليس فيها زكاة، وكذلك البغال، وهذه الخيل لا زكاة فيها فهي وإن سامت، فهذا ليس دليلًا على زكاتها.

* قوله: (فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ (١) إِلَى أَنَّهَا إِذَا كَانَتْ سَائِمَةً، وَقَصَدَ بِهَا النَّسْلَ، أَنَّ فِيهَا الزَّكَاةَ -أَعْنِي: إِذَا كَانَتْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا-).

هذا القول الذي ذكره المؤلف مقيدٌ في مذهب أبي حنيفة، ما دام المؤلف فصَّل، فنحن يجب أن نبيِّن، يعني: مذهب أبي حنيفة يختلف عن مذهب صاحبيه، فصاحباه -على ما أذكر- مع الجمهور، لكن أبا حنيفة كان يرى أنَّ الخيل إذا اجتمع فيها ذكورٌ وإناثٌ، أن فيها الزكاة.

أما لو كانت ذكورًا فقط أو إناثًا فقط، فعنده روايتان في المسألة، روايةٌ فيها الزكاة وروايةٌ ليس فيها الزكاة، أفصل أكثر: أبو حنيفة يرى أنَّ سائمة الخيل إن كانت، أو اجتمع فيها الذكور والإناث معًا في وقتٍ واحدٍ، ففيها الزكاة.

أما لو كان الموجود عند صاحبها فقط إناثًا، فعنده روايتان؛ روايةٌ توجب فيها الزكاة وروايةٌ لا توجب فيها الزكاة، أو كان الذي عنده ذكورًا، فكذلك روايتان؛ روايةٌ توجب فيها الزكاة، وروايةٌ لا توجب فيها الزكاة.


(١) يُنظر: "شرح مختصر الطحاوي" للجصاص (٢/ ٢٨٠)؛ حيث قال: "قال أبو جعفر: (وكان أبو حنيفة -رضي اللَّه عنه- يوجب الزكاة في الخيل السائمة إذا حال عليها الحول، وهي كذلك إذا كانت ذكورًا وإناثًا، يلتمس نسلها مع ذلك، فيكون المصدق بالخيار: إن شاء أخذ منه لكل فرس دينارًا، وإن شاء قوَّمها، ثم زكاها كما تزكى الدراهم.
وقال أبو يوسف ومحمد: ليس في الخيل صدقةٌ على حالٍ) ".

<<  <  ج: ص:  >  >>