للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند أحمد وعند غيره من أصحاب كتب الحديث، فصح عن عمر أنه كان يأخذ منها، هذا أيضًا ليس على الإطلاق، هذا ينبغي أن يبيّن، يعني لا ينبغي أن يمر عليه مرور الكرام، القضية أنه جاء أقوام من الشام إلى عمر -رضي اللَّه عنه-، وهم جاؤوا يشكرون اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على ما أنعم عليهم؛ لأنهم حصلوا على خيلٍ وعلى رقيق، يعني أنعم اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عليهم بأن وهبهم خيلًا ورقيقًا، والخيل هي التي نتكلم عنها، والرقيق: هم المملوكون-، فعرضوا على عمر -رضي اللَّه عنه- أن يقدموا زكاة الخيل، فقال عمر -رضي اللَّه عنه- وهو المُلهم: لا آخذها، إنما أفعل كما فعل صاحباي، يعني محمد بن عبد اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأبا بكر -رضي اللَّه عنه-.

إذن عمر -رضي اللَّه عنه- توقف في هذه المسألة، قال: لا أفعل إلا كما فعل صاحباي، رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكذلك أبو بكر، وهما لم يأخذا زكاة الخيل، لم يُنقل من طريقٍ صحيح أنهما أخذا شيئًا في زكاة الخيل، هذا فيما أعلم أنا.

إذن عمر توقف؛ لأنه قيّد الأمر بأنه لا يفعل ما لم يفعله صاحباه، لو كانت زكاة الخيل واجبة لما توقف عمر؛ لأن الزكاة واجبة، وأخذها حقٌّ للمسلمين؛ فكان يجب على عمر -رضي اللَّه عنه- أن يأخذها فيدفعها في مصارفها، يعني يدفعها في الأمور التي وُزّعت وأُعدت لها.

إذن عمر قال: لا أفعل إلا كما فعل صاحباي، توقف فلم يأخذ الزكاة، فلو كانت زكاة الخيل واجبة لما توقف عمر -رضي اللَّه عنه-، ولما جاز له أن يتوقف؛ لأنها زكاة، والزكاة واجبة، ولا يجوز لإمام المسلمين ألا يأخذ زكاةً تجب على الأغنياء فتُرد إلى الفقراء.

دليلٌ آخر: أن عمر -رضي اللَّه عنه- قد استشار الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، فأشار عليه علي بن أبي طالب بأن لا مانع أن يأخذها، على ألا تكون جزيةً لمن جاء بعده، يعني أشار عليه ما دام أولئك جاؤوا بها، فلا يرى عليٌّ -رضي اللَّه عنه- ما يمنع من أن يأخذها على ألا تكون جزيةً يأخذها من يأتي بعده.

انظر إلى فقه علي -رضي اللَّه عنه-، كأن عليًّا -رضي اللَّه عنه- يقول: هؤلاء أُناس جاؤوا

<<  <  ج: ص:  >  >>