للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنعام التي هي الإبل والبقر والغنم، ولم تكن بداية حديثه تفصيلًا هنا فيما سيتكلم عنه، لكنه أوردها عندما قسّم ما تجب فيه الزكاة إلى قسمين، فتكلم عن النوع، ثم الآن يتكلم عن الصنف إجماعًا، لكنه سيعود بعد ذلك ليتحدث عن زكاة الإبل والبقر والغنم تفصيلًا.

ومراده هنا أن يُبيّن أن ما تجب فيه الزكاة من الإبل والبقر والغنم إنما هو السائمة ومعنى السائمة: الراعية، أي التي تركها صاحبها ترعى في المراعي، والقصد من ذلك غير المعلوفة، فقد ترعى في أماكن مباحة، والقصد أن صاحبها لم ينفق عليها، كذلك أيضًا يدخل فيما لا تجب فيه الزكاة، العوامل؛ كالبقر التي تُستعمل في الحرث، وكذلك الإبل التي تُستعمل في النضح؛ أي: في حمل الماء، إلى غير ذلك مما تُستخدم فيه هذه الحيوانات. ومعنى سائمة مِن سامت تسوم، إذا رعت. ومن ذلك قول اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ} [النحل: ١٠]: أي ترعوْن.

إذًا المراد بالسائمة هنا: إنما هي التي ترعى، والسائمة هنا تُخرج المعلوفة. إذًا معنى هذا أن السائمة خلاف المعلوفة من حيث الحكم؛ فإذا كان عند إنسان إبلٌ، أو بقر أو غنم سائمة، فإنه تجب فيها الزكاة -وسيأتي بيان ذلك مفصلًا في موضعه-. أما إن كانت معلوفةً: أي يقوم صاحبها على الإنفاق عليها فإنها لا تجب فيها الزكاة، وكذلك أيضًا إذا كان هذا الحيوان سائمًا، إذا كان هذا الحيوان من بهيمة الأنعام عوامل: أي يستخدمها صاحبها في أعمالٍ؛ كأن يحمل عليها حطبًا، أو كذلك يسقي عليها، أو يحمل عليها بضاعته، أو يتنقل عليها في شؤونه؛ ففي هذه الحالة لا زكاة فيها. هذا هو مراد المؤلف، وهو المعروف أيضًا وهو ما سيأتي الحديث عنه في الأحاديث.

* قوله: (فَإِنَّ قَوْمًا أَوْجَبُوا الزَّكَاةَ فِي هَذِهِ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ سَائِمَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ سَائِمَةٍ).

هذا قول قلة من العلماء، ومنهم الإمام مالك رَحِمَهُ اللَّهُ، وهؤلاء أخذوا بعموم الأدلة؛ كحديث (في أربعين شاةٍ شاة)، وكذلك ما يتعلق في

<<  <  ج: ص:  >  >>