للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك أيضًا يتفكَّه به؛ ولذلك نجد أنَّ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذكره في موضعين، بل إنه يوجد في القرآن سورةٌ باسم سورة النحل، يقول اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (٦٨) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٦٩)} [النحل: ٦٨ - ٦٩].

فهذه نعمة من نِعم اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى التي لا تُعدُّ حصرًا، قال تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [النحل: ١٨]؛ فلو أن إنسانًا وقف طيلة حياته -مهما تقدَّم به العمر وطال- يعد نِعَم اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حتى في نفسه ما استطاع؛ فنعم اللَّه على عباده كثيرة، ولا شكَّ أن هذه النِّعم تقتضي الشكر.

ومن نِعَم اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن يسَّر هذا الحيوان الصغير الذي يخرج منه هذا السائل العظيم الكريم، الذي جعله اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى شفاءً للأبدان وغذاءً للأبدان، وجعل فيه فوائد عظيمة جدًّا.

والسؤال هل في هذا الذي يخرج من الحيوان زكاة؟ فنجد أن اللَّبن يخرج من الحيوان ولا زكاة فيه، فلماذا اختلف العلماء هنا ولم يختلفوا في زكاة اللبن؟ هل هناك فرق بينهما؟

ولو ألقينا نظرة فاحصةً ودقيقةً لوجدنا أن اللَّبن يخرج من حيوان يُزكَّى أصلُه، وهذا لا يُزكَّى أصلُه، فهذا فرقٌ سريعٌ نذكره.

نأتي إلى الحكم الشرعي: هل في العسل زكاة أو لا؟

اختلف العلماء في ذلك وانقسموا إلى فريقين؛ فريق منهم يرى أن في العسل زكاةً، وفريقٌ منهم يرى أن العسل لا زكاة فيه، والذين قالوا بأن العسلَ لا زكاة فيه: هم المالكية والشافعية، والذين قالوا بوجوب زكاته: هم الحنفية والحنابلة، ولعلَّ من الملاحظ دائمًا أنه لا يوجد إمامٌ يتفق مع إمام دائمًا؛ فليس هناك اتفاقٌ بين الأئمة على أن توافقني وأوافقك؛ لأنهم يريدون الوصول إلى الحقِّ، ويريدون أن يأخذوا الحكم من دليله؛ فالمالكية والشافعية يقولون: لا زكاة في العسل، والحنفية والحنابلة يقولون: تجب الزكاة في العسل، ولا شكَّ أن سبب الخلاف في ذلك إنما

<<  <  ج: ص:  >  >>