للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو ورود الأدلة، وهذه الأدلة التي اختلف العلماء بسببها هي أحاديث عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد اختلفوا فيها؛ لأن هذه الأحاديث صحَّ بعضها عند جماعة، ولم تصحَّ عند جماعةٍ أخرى؛ فالذين رأوا أن في هذه الأحاديث -مع تعددها وكثرتها- أحاديثَ لا تقلُّ عن درجة الحسن، وأن مُرسلَها إذا عُضد بمسندها؛ فإنه يرتفع إلى درجة الاستدلال به، وفريق يرى أن هذه الأحاديث كلَّها ضعيفةٌ، وأن الإجماع قد قام على خلاف ذلك، ونحن لا نريد أن نستقصي الأدلَّة؛ فأكثر الأدلة التي وردت في زكاة العسل أدلةٌ ضعيفة، لكن نذكر دليلين نرى أن سند كلِّ واحدٍ منهما حسن، واحدٌ سنده حسنٌ بمتابعته؛ يعني: عن طريق سند لا يحتاج إلى تقوية، والآخر سنده يكون حسنًا بالشواهد؛ أي: إذا أُخذت له شواهد، وأول هذين الحديثين حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه، قال: (جاء إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- هلال أحد بني مُتعة، ومعه عُشور نَحلِه).

أي: جاء إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعشور نحله، (وكان سأل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-). يعني: قبل ذلك، (أن يحمي له واديًا يُعرف)؛ أي: يُسمى هذا الوادي (سَلَبَة، وكان) هذا السائل، هذا الرجل؛ أي: هلال أحَد بني مُتعة قد سأل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يحمي له واديًا يُسمَّى: سلبة، (فحماه له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلمَّا آلت الخلافة إلى عمر -رضي اللَّه عنه-)؛ أي: لمَّا كان زمن عمر -رضي اللَّه عنه-، وأصبح الخليفة (كتب إليه معاوية بن وهب يسأله عن هذا الأمر، فكتب إليه عمر -رضي اللَّه عنه-: إنْ أتى لك بما كان يعطي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من عشور نحلِه، فاحم له سلبة)، يعني: هذا المكان الذي اسمه سلبة (وإن لم يفعلْ؛ فإنما هو ذبابُ غيثٍ يأكله من يشاء).

وهذا حديث أخرجه أبو داود في سُننه، وإسناده حسَن، فهو صالحٌ للاحتجاج به، وبيان هذا الحديث أن رجلًا اسمه هلال، جاء إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعشور نحْلِه؛ أي: بما يجب في النَّحْل وهو العُشر، فأعطاه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، لكنه قبل ذلك كان قد طلب من رسول اللَّه-صلى اللَّه عليه وسلم- أن يحمي له ذلك المكان، فكان يدفع زكاة ذلك النَّحل فيأتي به بين يدي رسول اللَّه، فلمَّا آلت الخلافة إلى عمر -رضي اللَّه عنه- بعد رسول اللَّه وأبي بكر، كتب إليه عامله

<<  <  ج: ص:  >  >>