للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معاوية بن وهب يسأله عن حكم ذلك؛ هل يحمي له ذلك؟ فأقرَّه عمر، أو طلب منه أن يحمي له ذلك على أن يدفع صدقة نحْلِه كما كان يدفعها إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (إن أتاك بعشور نحْلِه كما كان يأتي بذلك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فاحمِ له سلبة، وإن لم يكن فإنما هو ذباب).

هذا حيوان طائر يأكله مَن يشاء، فمن وجد هذا العسل فهو أحقُّ به.

الشاهد: أن هذا الحديث فيه دلالة على أن العسل أُخرج في زمن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفي زمن عمر -رضي اللَّه عنه-. وفي حديث عمرو بن شعيب أيضًا عن أبيه عن جدِّه، وقد أخرجه أيضًا ابن ماجه وغيره: "أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أخذ في العسل العُشر"، وهذا الحديث الثاني حسنٌ بالشواهد؛ أي: إذا ضُمَّت له الشواهد الأُخرى يرتفع إلى درجة الاستدلال به. إذًا هذان حديثان صالحان للاستدلال بهما، فبذلك يكونان حُجَّة للقائلين بوجوب زكاة العسل.

نأتي بعد ذلك إلى القائلين -من أهل العلم- بعدم وجوب زكاة العسل، وهم المالكية والشافعية، يقولون: لم يصحَّ في ذلك حديث عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكذلك قالوا: لم يقم إجماعٌ على وجوب إخراج زكاة العسل.

إذن لا حديث صحيح ولا إجماع، فلا زكاة في العسل، ثمَّ يستدلون من جانب القياس، فيقولون: هذا سائلٌ يَخْرج من حيوان، فلم تجب فيه الزكاة، قياسًا على اللبن الخارج من الحيوان، إذن ألحقوا حيوانًا بحيوان بجامعِ السيلان في كلٍّ؛ هذا سائل خرج من حيوان، وذاك سائلٌ خرج من حيوان، فلمَّا كان اللَّبن لا تجب فيه الزكاة، فكذلك أيضًا العسل لا تجب فيه الزكاة.

ومعلوم: أن القياس هو إلحاق فرعٍ بأصل في حكمٍ؛ لِعلة تجمع بينهما، فالعلة هي السيلان في كلٍّ، وأنه خروجٌ من حيوان، وقد ردَّ الفريق الأول ذلك، فقالوا: هذا قياس مع الفارق؛ لأن القياس على الحيوان

<<  <  ج: ص:  >  >>