للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي قستم عليه يختلف عن حال الحيوان المقيس؛ فالمقيس لا تجب الزكاة في أصله، وهذا تجب الزكاة في أصله، فبطل القياس في هذه الحال، ونحن نرى أن هناك أدلَّة، والأحاديث في ذلك كثيرة جدًّا، لكن منها المنقطع، ومنها الضعيف، ومنها المتروك، وأحسن ما في ذلك هو ما أوردناه، وهذا الذي أوردناه كافٍ وصالح للاحتجاج به في زكاة العسل.

هل كلُّ عسل يُزكَّى؟ وهل هناك مقدار معيَّن تجب فيه الزكاة؟

الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول في الحَبِّ والثمر: "ليسَ فيما دون خمسة أوسق صدقة"، والوَسْقُ: سِتُّون صاعًا، إذن يكون ثلاثمائة صاع، يعني: ما تجب فيه الزكاة ثلاثمائة صاع، والصاع يساوي خمسة أرطال وثُلُثًا بالرَّطل البغدادي؛ فيكون في ألفٍ وستمائة رَطل، وهذا سنأتي -إن شاء اللَّه- إلى بيانه في محلِّه، لكن هذه مقدمة.

إذن قد اختلفَ العلماء؛ فأبو حنيفةَ يرى أنَّ الزكاة تجب في العسل مطلقًا، قليلًا كان أو كثيرًا، لكنه قيَّد وجوب زكاة العسل بشرط ألَّا يكون في أرض خراجية، فقال: "إن كان في أرض خراجية فلا زكاة فيه حتى لا يجتمع على الأرض زكاتان"، يعني: لا يجتمع على الأرض خراجٌ وزكاة، يعني: لا يوضع على الأرض أمران: خراج وزكاة، وهذا هو محلُّ الخلاف بينه وبين الإمام أحمد، وصاحباه مع الإمام أحمد، أمَّا فيما عدا ذلك فهو مع الإمام أحمد.

أما الإمام أحمد فلم يُفرِّق بين أرض عشرية وبين أرضٍ خراجية وغيرها، ما دام العسل قد وُجِدَ، سواء كان في جبل أو في سهل أو في أيِّ مكان، فإنه تجب فيه الزكاة، ولا تفصيل في ذلك.

يرى أبو حنيفة أنَّ الزكاة تجب في العسل؛ قليلًا كان أو كثيرًا، واختلف صاحباه في ذلك؛ فأبو يوسف يقول: "تجب الزكاة في العسل إذا بلغ خمسة أوسق"، ومحمد مرةً قال: "خمسة أفراق"، ومرة قال: "عشرة"، والإمام أحمد قال: "في عشرة أفراق"، والفَرَقُ يساوي ستة عشر رطلًا، أي: في مائة وستين رطلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>