للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَأَمَّا الْأَسْبَابُ الَّتِي دَعَتْهُمْ إِلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ فَنَحْنُ نُشِيرُ إِلَى طَرَفٍ مِنْهَا فَنَقُولُ: أَمَّا مَنِ اشْتَرَطَ فِي وُجُوبِ الْجَزَاءِ أَنْ يَكُونَ القَتْلُ عَمْدًا فَحُجَّتُهُ أَنَّ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ نَصٌّ فِي الْآيَةِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْعَمْدَ هُوَ المُوجِبُ لِلْعِقَابِ، وَالْكَفَّارَاتِ عِقَابٌ مَا).

نصٌّ في الآية؛ لأن اللَّه تعالى قال: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا}.

فدليل خطابه، أنه لا جزاء على الخاطئ؛ لأن الأصل براءة ذمته، فلا يشغلها إلا بدليل. قالوا كذلك: أنَّ قتل الصيد هو مجرد محظور من محظورات الإحرام فلا يفسد الإحرام؛ وعليه فيجب التفريق بين خطئه وعمده؛ كاللبس والطيب.

* قوله: (وَأَمَّا مَنْ أَوْجَبَ الْجَزَاءَ مَعَ النِّسْيَانِ فَلَا حُجَّةَ لَهُ، إِلَّا أَنْ يُشَبِّهَ الجَزَاءَ عِنْدَ إِتْلَافِ الصَّيْدِ بِإِتْلَافِ الْأَمْوَالِ؛ فَإِنَّ الْأَمْوَالَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ تُضَمَّنُ خَطَأً وَنَسِيَانًا. لَكِنْ يُعَارِضُ هَذَا الْقِيَاسَ اشْتِرَاطُ الْعَمْدِ فِي وُجُوبِ الْجَزَاءِ، فَقَدْ أَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْ هَذَا -أَيِ الْعَمْدِ- إِنَّمَا اشْتَرَطَ؛ لِمَكَان تَعَلُّقِ الْعِقَابِ الْمَنْصوصِ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ: {لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} [المائدة: ٩٥]. وَذَلِكَ لَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّ الْوَبَالَ الْمَذُوقَ هُوَ فِي الْغَرَامَةِ، فَسَوَاءٌ قَتَلَهُ مُخْطِئًا أَوْ مُتَعَمِّدًا قَدْ ذَاقَ الْوَبَالَ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ النَّاسِيَ غَيْرُ مُعَاقَبٍ. وَأَكْثَرُ مَا تَلْزَمُ هَذِهِ الْحُجَّةُ لِمَنْ كَانَ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ الْكَفَّارَاتِ لَا تَثْبُتُ بِالْقِيَاسِ، فَإِنَّهُ لَا دَلِيلَ لِمَنْ أَثْبَتَهَا عَلَى النَّاسِي إِلَّا الْقِيَاسُ).

استدلَّ الذين أوجبوا الجزاء في الخطأ، بما يلي:

١ - قول جابر: "جعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الضبع يصيده المحرم كبشًا".

٢ - وقال -عليه الصلاة والسلام- "في بيض النعام يصيبه المحرم: ثمنه"، ولم يُفرِّق.

<<  <  ج: ص:  >  >>