للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَدِيِّ بْنِ حَاتِم في بَعْضرِ رِوَايَاتِهِ أَنَّهُ قَالَ - عليه الصلاة والسلام -: "وَإِنْ أَدْرَكتَهُ حَيًّا فَاذْبَحْهُ" (١)).

يعني: إذا أدركه حيًّا فليس له أن يتركه حتى يموت بل يلزمه أن يذكيه؛ لأنه يعجز عنه، ولذلك لو أمكن الإنسان أن ينال الصيد بيده دون ضرر فيلزمه أن يذكيه كالإنس، لكن لما كان ذلك غير مقدورٍ عليه حينئذٍ كانت ذكاته العقر، يعني أن يرسل عليه جارِحًا أو مِعْراضًا أو قوسًا فيصيبه، فإذا جرحه جاز له ذلك.

قوله: (وَكَانَ النَّخَعِيُّ يَقُولُ: إِذَا أَدْرَكْتَهُ حَيًّا، وَلَمْ يَكُنْ مَعَكَ حَدِيدَةٌ فَأَرْسِلْ عَلَيْهِ الْكِلَابَ حَتَّى تَقْتُلَه، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، مَصِيرًا لِعُمُومِ قوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: ٤]) (٢).


= سهمه أو جارحته على صيد فعقره، ثم أدركه وفيه حياة مستقرة، .. ففيه ثلاث مسائل؛ إحداهن: إذا كان العقر قد صيره في حكم المذبوح، مثل: أن أبان حشوته أو قطع الحلقوم والمريء أو في مقتل كالقلب، وكانت الحياة فيه غير مستقرة فإن أمر السكين على حلقه ليذبحه … فهو المستحب وإن تركه حتى مات .. حل أكله؛ الثانية: إذا كان العقر لم يصيره في حكم المذبوح، بل وُجِدَ وفيه حياة مستقرة مما يعيش اليوم متسع لذكاته، فإن ذكاه .. حل أكله وإن ترك ذكاته عامدًا أو لم تكن معه آلة يذبح بها حتى مات لم يحل أكله. الثالثة: إذا أدركه وفيه حياة مستقرة، لكنه مات قبل أن يتسع الزمان لذكاته، أو أدركه ممتنعًا فجعل يعدو خلفه فلحقه وقد بقي من حياته زمان لا يتسع لذبحه حل أكله وإن لم يذبحه".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٣٧٤)، حيث قال: "وقال في موضع: إني لأقشعر من هذا. يعني أنه لا يراه. وهو قول أكثر أهل العلم؛ لأنه مقدور عليه. فلم يبح بقتل الجارح له. كبهيمة الأنعام".
(١) أخرجه مسلم (١٩٢٩/ ٦) عن عدي بن حاتم، قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله، فإن أمسك عليك، فأدركته حيًّا فاذبحه، وإن أدركته قد قتل، ولم يأكل منه فكله … " الحديث.
(٢) يُنظر: "الإشراف على مذاهب العلماء" لابن المنذر (٣/ ٤٥٥)، حيث قال: "وكان النخعي يقول: إذا لم يكن معك حديدة فأرسل عليه الكلاب حتى تقتله. وبه قال الحسن البصري".

<<  <  ج: ص:  >  >>