للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية عامة فلو قُدر أن إنسانًا في فلاة فأرسل كلبًا - فصاد له صيدًا فأمسك به والحياة لا تزال مستقرةً فيه، وليس معه ما يذبحه، أي: لا توجد معه سكين، ولا حتى حجر مسنَّنٌ ولا غير ذلك مما يجوز الذبح به، فهل يتركه حتى يموت؟ أو يغري به ذلك الكلب والكلاب حتى تجرحه فتقتله، هذا هو الذي يريده المؤلف، وجمهور العلماء قالوا: لا يجوز ذلك، والنخعي والحسن البصري وهما من التابعين وهي رواية عن الإمام أحمد (١) يقولون: يغري به ذلك الجارح فيقتله فيأكل منه، بدليل أنه لو جرحه في الأصل فقتله جاز الأكل، فلماذا نمنع هنا ونجيز هناك! والجمهور يقولون: الصورة مختلفة لأنك هنا في هذه الحالة أمسكت به والحياة لا تزال مستقرة فيه، أما تلك فقد قتله الحيوان وهذا مما أباحه الله سبحانه وتعالى {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: ٤] وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -، قال: وإن قتله الصائد قال: "وإن قتله" يعني: الجارح "فكل" (٢).

قوله: (وَمِنْ قِبَلِ هَذَا الشَّرْطِ قَالَ مَالِكٌ (٣): لَا يَتَوَانَى الْمُرْسِلُ فِي طَلَبِ الصَّيْدِ، فَإِنْ تَوَانَى فَأَدْرَكهُ مَيِّتًا؛ فَإِنْ كَانَ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ بِسَهْمٍ حَلَّ أَكْلُه، وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَوَانَ لَكَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُدْرِكَهُ حَيًّا غَيْرَ مَنْفُوذِ الْمَقَاتِلِ).

هذه مسألة فيها تفصيل عند العلماء، يعني: لو أن الإنسان أرسل


(١) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٣٧٤)، حيث قال: "واختلف قول أحمد في هذه المسألة. فعنه مثل قول الخرقي. وهو قول الحسن. وإبراهيم".
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) يُنظر: "التاج والإكليل" للمواق (٤/ ٣٢٧)، حيث قال: " (أو تراخى في اتباعه) من المدونة: لو توارى عنه كلبه والصيد فرجع الرجل إلى بيته ثم عاذ فأصابه من يومه لم يؤكل، لاحتمال إدراك ذكاته لو تبعه. هذا إن وجده غير منفوذ، ولو وجده منفوذًا، فإن كان برمي أكل وبجارح طرح، إلا أن يعلم أن الجارح يقتله سريعًا لقؤته وضعف الصيد … ولا بأس بأكله في السهم والجارح لو رجع من اتباعه اختيارًا (إلا أن يتحقق أنه لا يلحقه) .. لو تراخى في اتباعه فإن ذكاه قبل أن ينفذ مقاتله أكل بالذبح لا بالصيد وإلا فلا، إلا أن يتحقق أنه لو لم يتراخى لم يعد وهذا يظهر في السهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>