للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجارح الكلب أو غيره فصاد له صيدًا فتوانى يعني: تأخر في البحث عنه ثم بعد ذلك وجده، وسيأتي الكلام في تحديد المدة، ثم أدركه بعد ذلك، بعض العلماء فَصَّل (١) وقال: إن أدركه وليس فيه إلا سهمه، فهو في هذه الحالة يجوز له أكله، أو أدركه ميتًا قد قُتِلَ وعنده كلبه ولم يشركه غيره فكذلك يأكل منه، وبعضهم منع من ذلك (٢)؛ لأن ذلك قد تطرق إليه الشك فلا ينبغي أن يؤكل.

قوله: (وَأَمَّا الشَّرْطُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ مَبْدَؤُهُ مِنَ الْقَانِصِ، وَيَكُونَ مُتَّصِلًا حَتَّى يُصِيبَ الصَّيْدَ).

فهناك فرق بين أن يرسل الصائد الجارح وبين أن ينطَلِقَ من نفسه، فلو قدر أن الكلب انطلَقَ من ذات نفسه، يقول جمهورُ العلماء (٣): ليس له أن يأكل من ذلك الصيد، وبعضهم قال (٤): إن انطلَقَ من ذاتِ نفْسِهِ فأدركه فسَمَّى عليه، ثم أغراهُ يعني: زَجَرَهُ فزاد في سيره فإنه يجوز الأكل منه، أما لو انطلق من ذات نفسه ولم يغره صاحبه أي: لم يزجُرْه فلا يجوز الأكل منه خشية أن يكون إنما صادَ لنفسه، وفي هذه الحالة لم يذكر اسم الله الصائد عند إرسال الجارح.

قوله: (فَمِنْ قِبَلِ اخْتِلَافِهِمْ فِيهِ اخْتَلَفُوا فِيمَا تُصِيبُهُ الْحِبَالَةُ وَالشَّبَكَةُ إِذَا أُنْفِذَتِ الْمَقَاتِلُ بِمُحَدَّدٍ فِيهَا، فَمَنَعَ ذَلِكَ مَالِكٌ (٥) وَالشَّافِعِيُّ (٦) وَالْجُمْهُورُ).


(١) سيأتي.
(٢) سيأتي.
(٣) تقدم.
(٤) تقدم.
(٥) يُنظر: "المدونة" (١/ ٥٣٦ - ٥٣٧)، حيث قال: "قلت: أرأيت ما قتلت الحبالات من الصيد أيؤكل أم لا؟ قال: قال مالك: لا يؤكل إلا ما أدركت ذكاته من ذلك، قال: فقيل لمالك: فإن كانت في الحبالات حديدة فأنفذت الحديدة مقاتل الصيد؟ قال: قال مالك: لا يؤكل منه إلا ما أدركت ذكاته".
(٦) تقدَّم قوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>