للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّهْمُ قَدْ أَنْفَذَ مَقَاتِلَهُ وَلَا يَشُكَّ أَنَّ مِنْهُ مَاتَ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ (١)).

الإمام مالك: لا يرى الأكل منه إلا أن يكون السهم قد نفذ إليه بحيث لا يشك بأنه هو الذي قتله، فإذا تيقَّنا من أن الذي قتله هو السهم يؤكل منه، أما إذا شككنا فلا، مخافة أن يكون قد سقَطَ على جبلٍ وهو بعد لم يمُتْ فتردى من الجبل، فكان موته بسبب التردي، أو أنه سقَط في الماء فأغرقه الماء فمات.

قوله: (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٢): لَا يُؤْكَلُ إِنْ وَقَعَ فِي مَاءٍ مَنْفُوذُ الْمَقَاتِلِ، وَيُؤْكَلُ إِنْ تَرَدَّى. وَقَالَ عَطَاءٌ: لَا يُؤْكَلُ أَصْلًا إِذَا أُصِيبَتِ الْمَقَاتِل، وَقَعَ فِي مَاءٍ أَوْ تَرَدَّى مِنْ مَوْضِعٍ عَالٍ) (٣).


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "تبيين الحقائق" للزيلعي (٦/ ٥٨)، حيث قال: (ولو رمى صيدًا فوقع في ماء أو على سطح أو جبل ثم تردى منه إلى الأرض حرم) لقوله تعالى: {وَالْمُتَرَدِّيَةُ} ولما روينا ولقوله - عليه الصلاة والسلام - لعدي: "إذا رميت سَهْمَكَ فاذكر اسم الله عليه، فإن وجدته قد قَتل فَكُلْ إلا أن تجده قد وقع في ماء، فإنك لا تدري الماء قتله أو سهمك " .. ولأنه احتمل موته بغيره، إذ هذه الأشياء مهلكة ويمكن الاحتراز عنها فيحرم، بخلاف ما إذا كان لا يمكن التحرز عنه، … وهذا فيما إذا كان فيه حياة مستقرة يحرم بالاتفاق؛ لأن موته مضاف إلى غير الرمي".
مذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" (٦/ ١٠٩)، حيث قال: (أو أصابه سهم) فجرحه جرحًا مؤثرًا (فوقع بأرض) عالية (أو) طرف (جبل ثم سقط منه) في المسألتين، وفيه حياة مستقرة ومات (حرم) الصيد في جميع هذه المسائل".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٣٧٩)، حيث قال: " (وإذا رماه، فوقع في ماء، أو تردى من جبل، لم يؤكل) يعني وقع في ماء يفتله مثله، أو تردى ترديًّا يقتله مثله".
(٢) يُنظر: "الدر المختار" للحصكفي وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (٦/ ٤٧٢)، حيث قال: " (أو رمى صيدًا فوقع في ماء) لاحتمال قتله بالماء فتحرم، ولو الطير مائيًّا فوقع فيه، فإن انغمس جرحه فيه حرم وإلا حل ملتقى، (أو وقع على سطح أو جبل فتردى منه إلى الأرض حرم) في المسائل كلها، لأن الاحتراز عن مثل هذا ممكن، (فإن وقع على الأرض ابتداء) إذ الاحتراز عنه غير ممكن، فيحل".
(٣) يُنظر: "الإشراف على مذاهب العلماء" لابن المنذر (٣/ ٤٦١)، حيث قال: "قال طاوس: إذا تردى، أو وقع في ماء فلا تأكله. وقال عطاء نحو ذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>