للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو حنيفة يرى: أنه لو أصيب فسقط على مكانٍ فتردى فإنه يؤكل منه سواء كان قد نفذ السهم منه كما قال مالك أو لم ينفذ في مقاتله، لكن لو وقع في الماء فلا يجوز الأكل منه وإن نفذ السهم إلى مقاتله؛ لأنه يوجد شبهةٌ قوية في أنه قد غرق فلا يجوز الأكل منه، أما الحنابلة: مذهبهم قريبٌ من مذهب مالك، لهم رواية على مذهب (١) ورواية أخرى (٢) لا يؤكل منه، إذا تردى من على جبل أو في الماء فلا يؤكل منه مطلقًا.

قوله: (لإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ زَهُوقُ نَفْسِهِ مِنْ قِبَلِ التَّرَدِّي أَوْ مِنَ الْمَاءِ قَبْلَ زُهُوقِهَا مِنْ قِبَلِ إِنْفَاذِ الْمَقَاتِلِ. وَأَمَّا مَوْتُهُ مِنْ صَدْمِ الْجَارحِ لَهُ).

يعني: إذا أرسل الجارح لا يخلو إما أن يجرحه بمعنى: أن يفرِيَ أوداجَهُ يقطَعُها، أو أن يخرج غشاءه ففي هذه الحالة يؤكل، أما لو اصطدم به فمات من الصدمة أو مات خوفًا فإنه في هذه الحالة لا يؤكل.

قوله: (فَإِنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ مَنَعَهُ قِيَاسًا عَلَى الْمُثَقَّلِ، وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ (٣)؛ لِعُمُومِ قوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: ٤]).


(١) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٣٨٠)، حيث قال: "وأكثر أصحابنا المتأخرين يقولون: إن كانت الجراحة موحية، مثل أن ذبحه أو أبان حشوته، لم يضر وقوعه في الماء ولا ترديه".
(٢) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٣٧٩ - ٣٨٠)، حيث قال: " (وإذا رماه، فوقع في ماء، أو تردى من جبل، لم يؤكل) يعني وقع في ماء يقتله مثله، أو تردى ترديًّا يقتله مثله. ولا فرق في قول الخرقي بين كون الجراحة موحية أو غير موحية. هذا المشهور عن أحمد".
(٣) يُنظر: "الجامع لمسائل المدونة" لابن يونس (٥/ ٧٧٦)، حيث قال: "قال ابن القاسم: وكذلك إن مات بضدمها فإنه لا يؤكل، وكذلك إن ضربت الصيد بالسيف حتى مات ولم يقطع فيه لم يؤكل كالعصا، وهذا كله موقوذة عند مالك. ابن المواز: وما علمت أن أحدًا أجاز أكله إلا أشهب، فإنه أجازه إذا مات بالصدمة أو بالنطحة أو بضربة السيف وإن لك تجرح".
وينظر: "المعونة" للقاضي عبد الوهاب (ص: ٦٨٤)، حيث قال: "إذا صدمه أو نطحه، فمات منه من غير جرح فعند ابن القاسم لا يؤكل وهو قول أبي حنيفة، وعن أشهب يؤكل وهو أحد قولي الشافعي".

<<  <  ج: ص:  >  >>