للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ بِالإِقَالَةِ قَدْ مَلَكَ رَأْسَ مَالِهِ، فَإِذَا مَلَكَهُ جَازَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ مَا أَحَبَّ).

يعني: كلا القولين له وجهة نظر، الذين منعوا خشوا أن يكون ذلك ذريعةً إلى البيع أو السلف، والذين أجازوا قالوا: هذا ما لو رجع إليه فهو حرٌّ فيه، له أن يشتري من هذا ومن غيره، لا إشكال في هذا.

وَقَصْدُ العلماء رحمهم الله الذين يشددون في هذا المقام هو أن يتقي الإنسان الشُّبُهات كما جاء في الحديث: "إن الحلال بَيِّن، وإن الحرام بَيِّن، وبينهما أمور مشتبهات - أو مشبهات - لا يعلمها كثيرٌ من لناس، فمن اتقى الشبهات، فقد استبرأ لدينه وعِرْضِهِ، ومن وقع في الشبهات، وقع في الحرام" (١).

وفي مثل هذه المسائل لا يُلَام من يقول بأي القولين؛ لأنه ليس هناك نصٌّ صريحٌ صحيحٌ في هذه المسألة، فهي مسألة اجتهاديةٌ، ولذلك تختلف وجهات نظر العلماء فيها.

* قوله: (وَالظَّنُّ الرَّدِيءُ بِالمُسْلِمِينَ غَيْرُ جَائِزٍ).

هذا تعليلٌ لمَنْ أجاز من العلماء، وأنه ينبغي أن نحسن الظن بالمسلم، وألا نسيء الظن به، وأن نحمل المسلمين على السلامة، هذا هو الأصل، ونحن نقول كذلك، لكن أحيانًا تكون شبهة، فالعلماء يريدون أن يتجنبوها، وما أكثرَ ضعفاء النفوس! وفي القرون المُفضَّلة التي هي خيرٌ منا - مَنْ وقع في مثل ذلك ونحوه -، فمَا بالك في هذه القرون المتأخرة التي أصبح كثيرٌ من الناس يتكالبون على الأموال كما جاء في الحديث: "سيأتي على الناس زمان مَنْ لم يأكل الربا يناله من غباره" (٢).


(١) أخرجه البخاري (٥٢)، ومسلم (١٥٩٩).
(٢) أخرجه ابن ماجه (٢٢٧٨)، وضَعَّفه الأَلْبَانيُّ في "ضعيف الجامع" (ص ٧٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>