للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا وَقَعَ النَّهْيُ فِيهِ قَبْلَ الإِقَالَةِ).

وقد مرَّ بنا في السَّلم: "من أسلم في شيء، فلا يصرفه في غيره" (١)، وهذا الحديث تكلمنا عنه، وبَينَّا أن في سنده مقالة.

قوله: (مَسْأَلَة: اخْتَلَفُوا إِذَا نَدِمَ المُبْتَاعُ فِي السَّلَمِ، فَقَالَ لِلْبَائِعِ: أَقِلْنِي وَأَنْظِرْكَ بِالثَّمَنِ الذي دفعتُ إلَيْكَ).

وقد جاء المؤلف إلى موضع الإرفاق (٢)، فلو أنَّ إنسانًا أسلم في شيء، ثم تطرق إليه الندم وتأسف، وتمنى أن لم يكن قد اشترى هذا الشيء، فجاء إلى المُسْلَم إليه، فقال: أريدك أن تقيلني من هذه البيعة، وأن تسامحني فيها، وأن تعفيني منها، فهذه الإقالة مرغب فيها، وحضَّ عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل بَيَّن "أنَّ مَنْ أقال مسلمًا" (٣) - وفي بعض الروايات: "مَنْ أقال نادمًا في بيعته" (٤)، وفي روايةٍ: "في صفقته" - "أقال له الله عسرته يوم القيامة" (٥)، لكن هنا يريد أن يقيله على أن يُنْظره في المبلغ، فإنْ كان قَصْده بالإنذار بالمبلغ أنه يعلم أن المُسْلَم إليه لا يملكه، وأنَّ في مطالبته به تضييقًا عليه، فهذا ليس محل شبهةٍ، أما إن كان هناك قصد آخر، أو فَعلَ ذلك ليتوصل إلى الإقالة وربما إلى غرض آخر، فهذا هو الذي ذهب بعض العلماء لمنعِهِ.

قوله: (فَقَالَ مَالِكٌ وَطَائِفَةٌ: ذَلِكَ لَا يَجُوزُ (٦)، وَقَالَ قَوْمٌ:


(١) تقدم تخريجه والكلام عليه.
(٢) الرفق: اللين ولطافة الفعل، يقال: رفق الله بك ورفق عليك رفقًا ومرفقًا وأرفقك الله إرفاقًا. يُنظر: "لسان العرب" لابن منظور (١٠/ ١١٨).
(٣) أخرجه أبو داود (٣٤٦٠) وَصحَّحه الأَلْبَاني في "المشكاة" (٢٨٨١).
(٤) أخرجه ابن حبان (١١/ ٤٠٤)، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.
(٥) لم أقف عليها.
(٦) يُنظر: "موطأ مالك" (٢/ ٦٤٤) حيث قال: "فإن ندم المشتري، فقال للبائع: أقلني وأنظرك بالثمن الذي دفعت إليك، فإن ذلك لا يصلح، وأهل العلم ينهون عنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>