للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضًا رَأوه من باب فسخ الدين بالدَّيْن، فيقول له: أؤجِّله عليك فيكون دَينًا بدَيْن، وقد نهي عن بيع الدَّين بالدَّين.

قوله: (وَالَّذِينَ رَأَوْهُ جَائِزًا، رَأَوْا أَنَّهُ بَابُ المَعْرُوفِ وَالإِحْسَانِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ).

ولا شك أن الأصلَ في الإقالة إذا لم يكن وراءها هدفٌ ممنوعٌ أو قصدٌ غير حسنٍ أنها مما جاء الترغيب فيه؛ لأنَّ فيها تخفيفًا للمسلم، وإعانةً له؛ لأنه كما يعلم كل واحد منا قد يشتري الإنسان سلعة ربما يأخذه رونقُها وظاهرُها ولَمعانُها، فيندفع إلى تلك السلعة، فيندم على شرائها، وربما يسلم في أمر، فيتبين له أن الأَوْلَى ألا يفعل، فيندم، فيأتي إلى أخيه المسلم فيقول له: أقلني، فينبغي حينئذٍ أن يستجيب له ما لم يكن وراءه غرض غير محمود.

قوله: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا صَفْقَتَه، أَقَالَ اللَّهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ (١)، وَمَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا، أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ" (٢)).

هذان حديثان: "من أقال مسلمًا، أقاله الله يوم القيامة" (٣) هذا حديث، وجاء بروايات كثيرة: "من أقال نادمًا في بيعته" (٤)، وفي رواية: "مَنْ أقال نادمًا في صفقته"، كما أورده المؤلف " … أقاله الله عثرته يوم القيامة" (٥)، وما أعظم ذلك! فكل واحد منا يتمنى أن يقيل الله - سبحانه وتعالى - عثرته، وأن يعفو عن زلاته، وأن يتجاوز عن سيئاته وخطاياه، لا شك أن كل مسلمٍ يسعى ويبذل ذوب قلبه ليكون من أولئك الذين يعفو الله - سبحانه وتعالى -


(١) ليس في روايات الحديث لفظ: "صفقته"، وسيأتي تخريجه.
(٢) أخرجه مسلم (٤/ ٢٣٠١).
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) تقدم تخريجه، وهو باقي حديث: "مَنْ أقال مسلمًا … ".

<<  <  ج: ص:  >  >>