للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنهم في ذلكم المقام العظيم، ويتجاوز عن سيئاتهم، وعن هفواتهم، فهذا سببٌ من الأسباب التي تجعل الله - سبحانه وتعالى - يرفع عثرتك يوم القيامة، ويتجاوز عنها، لماذا؟ لأنك خففتَ وأرفقتَ عن عَبْدٍ من عباد الله؛ وَيسَّرت عليه، ورفعت كربةً من كُرَب الدنيا عنه، فالله تعالى سيرفع عنك كربةً من كرب يوم القيامة، وهذا لا شك حديث صحيح أخرجه أبو داود (١) وابن ماجه (٢) وغيرهما، وهذا فيه حضٌّ على الإقالة: "مَنْ أقال عثرة مسلم، أقاله الله عثرته يوم القيامة" (٣)، "من أقال نادمًا" (٤)، وفي رواية: "في بيعته" (٥)، فالألفاظ متقاربة، لكن المعنى واحد، والقصد هو التجاوز عن المسلم.

وأما الحديث الآخر، فهو في "صحيح مسلم" وغيره: "ومَنْ أنظر معسرًا" (٦) والمؤلف أسقط جزءًا مهمًّا منه أو وضع عنه: "أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله"، ولا شك أن كل إنسان يتمنى أن يكون في ظل الله، في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، ولذلك جاء ذِكرُ السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، فبدأ الحديث: "إمام عادل" (٧)، ولا شكَّ أن الإمام إذا ولَّاه الله تعالى أمرَ المسلمين، إنما يكون على القمة، فله أن يُغيِّر ويُبدِّل في المكان الذي وصل فيه، فمَا أعظمَ أن يكون هذا الإمام عادلًا! أولهم إمام عادل، ولذلك يقول


(١) أخرجه أبو داود (٣٤٦٠).
(٢) أخرجه ابن ماجه (٢١٩٩).
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) تقدم تخريجه.
(٦) أخرجه مسلم (٣٠٠٦).
(٧) أخرجه البخاري (٦٨٠٦)، عَنْ أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "سبعة يظلهم الله يوم القيامة في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل ذكر الله في خلاء ففاضت عيناه، ورجل قلبه معلق في المسجد، ورجلان تحابا في الله، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال إلى نفسها، قال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه".

<<  <  ج: ص:  >  >>