للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ} [الحج: ٧٧، ٧٨].

هؤلاء هم الذين ذكرهم الله تعالى في قوله: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (٣٦) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (٣٧)} [النور: ٣٦، ٣٧] خشية الله هي التي دفعتهم إلى هذا.

كذلك أيضًا من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله "رجلان تحابَّا في الله، اجتمعا على ذلك، وافترقا عليه" (١)، ما كانت محبة أحدهما للآخر لأجل غرض من أغراض الدنيا، ولذلك يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أحب في الله، وأبغض في الله، وعادى في الله" (٢)، فإنما تُنَال ولاية الله بذلك و {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (٦٧)}، هذه هي الصداقة، هي الخلة التي تدوم، وسيجد الإنسان نتائجها يوم القيامة، فما أجمل أن يتحابَّ إنسان في طاعة الله - سبحانه وتعالى -! ولعظم هذا العمل يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله.

ومن هؤلاء أيضًا "رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله رب العالمين" (٣)، وتعلمون أيضًا أن من الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة (٤): رجلًا أرَاد أن يهمَّ بالجريمة فتذكر، فلما خوف بالله - سبحانه وتعالى -


(١) تقدم تخريجه.
(٢) أخرجه أبو داود (٤٦٨١) ولفظه:، (من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان"، وحسنه الأَلْبَانيُّ في "الصحيحة" (٣٨٠).
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) أخرجه البخاري (٢٢١٥)، ولفظه: "خرج ثلاثة نفرٍ يَمْشون، فأَصَابهم المطر، فدخلوا في غارٍ في جبلٍ، فانحطت عليهم صخرة، قال: فقال بعضهم لبعضٍ: ادعوا الله بأفضل عمل عملتموه، فقال أحدهم: اللهم إني كان لي أبوان شيخان كبيران، فكنت أخرج فأرعى، ثم أجيء فأحلب فأجيء بالحلاب، فآي به أبوي فيشربان، ثم أسقي =

<<  <  ج: ص:  >  >>