للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* قوله: (فَإِنَّ هَذِهِ الْعُبُودِيَّةَ مَعْقُولَةٌ وَبُنُوَّةٌ مَعْقُولَةٌ).

هذه العبودية التي للّه عبودية خضوع وطاعة وذلّ له -سُبْحَانَهُ وتَعَالى- وكذلك البنوة التي نفيت هي لا تليق باللّه -سُبْحَانَهُ وتَعَالى-، فالعبودية والبنوة التي تقع بين المخلوقين واردة، لكن في هذا المقام لا تجتمع؛ لأنه لا يجتمع رقّ وابن في وقت واحد والقصد بذلك الحرية.

وما سنشرع في شرحه من المصنف - رَحِمَه اللَّهُ - تابع لكلامه على الاختلاف في عتق القريب بالشراء، فقد ذكر أولا الفرق بين الجمهور وأهل الظاهر؛ فإن أهل الظاهر لم يلزموا شراء القريب، ولا جعلوه يعتق بالشراء، وأما الجمهور؛ فخالفوهم: واتفقول على أن الأصول والفروع يعتقون، وزاد مالك الحواشي، أي: الإخوة، وخالفه الشافعي. بينما وسعه أبو حنيفة ليشمل الرحم المحرم كالعمة والخالة.

ثم شرع - رَحِمَه اللَّهُ - يقرر مذهب المالكية؛ فقال: " (وقد رامت المالكية أن تحتج لمذهبها بأن البنوة صفة هي ضد العبودية وأنه ليس تجتمع معها لقوله تعالى: {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (٩٢) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣)} ".

إيضاحه أن الآية دلَّت على أن العبودية تنافي الولدية؛ فأفاد أن الولد لا يكون عبدًا لأبيه (١).

وقد اعترض ابن رشد ذلك باعتراض دقيق، وهو أن العبودية في الآية الكريمة تختلف عن العبودية المقصودة في باب العتق؛ فقال: "وهذه العبودية هي معنى غير العبودية التي يحتجون بها فإن هذه العبودية للّه


(١) يُنظر هذا الدليل عند المالكية في: البيان والتحصيل (١٥/ ٢٤) لابن رشد الجد، الذخيرة، للقرافي (١١/ ١٥١).
ومن أوائل من استدلا به القاضي عبد الوهاب في "المعونة على مذهب عالم المدينة" (ص ١٤٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>