للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا نرى داعيًا لمثل هذا الاستدلال، فشريعة عيسى قد نُسِخت، ولا ندري أهذا مما فيها أمما حرفوه منها، وكان تقريره أوَّلًا كافيًا في الاستدلال.

ومع أن كلامه في التسمية بابن اللّه له وجه مجازي؛ كما يقال: ابن السبيل، ابن الكتب، … إِلَّا أن المنع من إطلاق هذه العبارات الموهمة هو الأصل، لا سيما والمؤلف مالكي يتوسع في سدِّ الذرائع.

* قوله: (فَهَذِهِ جُمْلَةُ الْمَسَائِلِ الْمَشْهُورَةِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْعِتْقِ الَّذِي يَدْخُلُ عَلَى الْإِنْسَان بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ).

أي: أنه فرغ من مقصود ببيان هذه الثلاث التي يعتق فيها العبد على سيده بغير اختياره، والتي أشار إليها آنفًا بقوله: "فهم ثلاثة من بعض العتق


= وقال الإنجيل عنهم: "طوبى لصانعي السلام؛ لأنهم أبناء اللّه يُدعون" (متى ٥/ ٩).
وعن المؤمنين يقول بولس: "فإذ نحن ذرية اللّه، لا ينبغي أن نظن أن اللاهوت شبيه بذهب أو فضة أو حجر نقش صناعة واختراع إنسان" (أعمال ١٧/ ٢٩)، فوسم المؤمنين بأنهم ذرية الله، أي: المحبون والمطيعون لله.
كما نرى في التوراة هذا الإطلاق على الشرفاء والأقوياء من غير أن يفهم منه النصارى أو غيرهم الألوهية الحقيقية، فقد جاء فيها: "أن أبناء الله رأوا بنات الناس أنهن حسنات. فاتَّخذوا لأنفسهم نساء من كل ما اختاروا … إذ دخل بنو الله على بنات الناس، وولدن لهم أولادًا، هؤلاء هم الجبابرة الذين منذ الدهر ذوو اسم" (التكوين ٦/ ٢).
وعليه فلا يمكن النصارى أن يجعلوا من النصوص المتحدثة عن بنوة المسيح للّه أدلة على ألوهيته ثم يمنعوا إطلاق حقيقة ذات اللفظ على آدم وسليمان و … ، وتخصيصهم المسيح بالمعنى الحقيقي يحتاج إلى مرجح لا يملكونه ولا يقدرون عليه. معنى البنوة الصحيح:
والمعنى المقصود للبنوة في كل ما قيل عن المسيح - عَلَيهِ السَّلامْ - وغيره إنما هو معنى مجازي بمعنى: حبيب الله أو مطيع اللَّه، أو المؤمن بالله.
لذلك قال مرقس وهو يحكي عبارة قائد المائة الذي شاهد المصلوب وهو يموت فقال: "حقًّا كان هذا الإنسان ابن الله" (مرقس ١٥/ ٣٩). انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>