للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أيضًا أن المضاربة (١) أو ما يعرف بالقراض كانت في الجاهلية وأقرها الإسلام (٢)، فهناك أحكام، وهناك أخلاق، وهناك أمور كانت في الجاهلية وأقرها الإسلام؛ لأنها تلتقي معه ولا تتعارض، وهناك أمور أدخل عليها الإسلام ما يصلحها وهناك أمور ردّها الإسلام وأبطلها غاية الإبطال، وذلك ما يتعلق بتوحيد اللّه -سُبْحَانَهُ وتَعَالى-، فإن أولئك كانوا يشركون مع اللّه غيره.

فهذه الأصول المشار إليها آنفًا جاءت عن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، وهل القسامة هي أول ما جاء مستثنى مما تحكم به الأصول؟! ألم ينْهَ رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - عن المزابنة (٣)؟

الجواب: نعم في حديث صحيح، ثم رخص في بيع العرايا، والعرايا (٤) إنما هي صورة من صور المزابنة، إذن هناك أمور تستثنى، فنقول: إن القسامة خصصت من تلك الأصول التي ذكرها هؤلاء العلماء، ولذلك جاء في رواية: "البينة على المدعي واليمين على من أنكر إِلَّا القسامة" (٥).


(١) المضاربة: معاقدة دفع النقد إلى من يعمل فيه على أن ربحه بينهما على ما شرطا. والمقارضة المضاربة أيضًا .. سميت به لأن رب المال يقطع رأس المال عن يده ويسلمه إلى مضاربه. انظر: "طلبة الطلبة" للنسفي (ص ١٤٨).
(٢) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (٧/ ٩٦) قال: "مسألة: القراض كان في الجاهلية، وكانت قريش أهل تجارة لا معاش لهم من غيرها، فكانوا يعطون المال مضاربة لمن يتجر به بجزء مسمى من الربح فأقر رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - ذلك في الإسلام وعمل به المسلمون عملًا متيقنًا لا خلاف فيه".
(٣) المزابنة: بيع التمر على رؤوس النخيل بالتمر كيلًا؛ سميت بها لتدافع العاقدين عند القبض. انظر: "طلبة الطلبة"، للنسفي (ص ١٥٠).
(٤) العرايا: واحدتها عرية وهي النخلة يعريها؛ صاحبها رجلًا محتاجًا والإعراء أن يجعل له ثمرة عامها. وفال بعضهم: بل هو الرجل يكون له نخلة وسط نخل كثير لرجل آخر فيدخل رب النخلة إلى نخلته فربما كان مع صاحب النخل الكثير أهله في النخل فيؤذيه بدخوله فرخص لصاحب النخل الكثير أن يشتري ثمر تلك النخلة من صاحبها قبل أن يجده بتمر لئلا يتأذى به. انظر: "غريب الحديث" للقاسم بن سلام (١/ ٢٣١).
(٥) أخرجه الدارقطني (٤/ ١١٤) وضعفه الألباني في "إرواء الغليل" (٨/ ٢٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>